للمؤمنين. والذي أرتاح إليه أن (أم) متصلة ولكن همزتها هي التي مرت معنا في ابتداء الفصل في قوله تعالى أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ .. أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ.
في الفصل الأول من هذا المقطع: سئل موسى من قبل بني إسرائيل أن يريهم الله جهرة، وسألوا موسى أن يخرج الله لهم من بقول الأرض، وفي الفصل الأول تبينت معالم الطبيعة اليهودية، ثم جاء الفصل الثاني مصدرا بقوله تعالى:
أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ .. وسار السياق موئسا المسلمين من إيمان هؤلاء ثم جاء قوله تعالى أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ .. ناهيا المسلمين أن يسألوا كما سأل بنو إسرائيل ولكن بعد أن اتضحت النفسية اليهودية بشكل أجلى.
فالفصل في سياقه الرئيسي يقول للمسلمين:
لا تطمعوا أن يؤمنوا لكم، ولا تسألوا رسولكم كما سألوه، هذا على القول بأن (أم) متصلة. أما على القول بأنها منفصلة فإن المعنى يكون: بل أتريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل. وفي حالة اتصال (أم) أو انفصالها فالإنكار هو المقدر ولنا عودة على السياق:
أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ قال ابن كثير:«أي بل تريدون أو هي على بابها في الاستفهام وهو إنكاري» وقال: والمراد أن الله ذم من سأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن شئ على وجه التعنت والاقتراح كما سألت بنو إسرائيل موسى عليه السلام تعنتا وتكذيبا وعنادا وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ أي ومن يشتر الكفر بالإيمان فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ أي فقد خرج عن الطريق المستقيم إلى الجهل والضلال، وهذا حال الذين عدلوا عن تصديق الأنبياء واتباعهم، والانقياد لهم، إلى مخالفتهم وتكذيبهم والاقتراح عليهم، بالأسئلة التي لا يحتاجون إليها على وجه التعنت والكفر ولنا عند هذه الآية وقفتان:
[الوقفة الأولى حول أهمية هذا التوجيه]
إن بني إسرائيل عند ما بعث لهم موسى عليه السلام كانوا أمة مستعبدة، ثم تخلصوا من العبودية وبقوا حدثاء عهد بها، وكانوا حدثاء عهد بالكتاب، ومن ثم كانوا يسألون ما لا يسأل، ويتعنتون ويخالفون، وقد أعطى الله هذه الأمة دروسا عن