١ - بمناسبة قوله تعالى: يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ قال ابن كثير: (يعني بني إسرائيل، وكانوا في ذلك الوقت خيار أهل زمانهم هذا، ولقد سلط عليهم هذا الملك الجبار العنيد، يستعملهم في أخس الأعمال، ويكدهم ليلا ونهارا في أشغاله، وأشغال رعيته، ويقتل مع هذا أبناءهم، ويستحيي نساءهم إهانة لهم واحتقارا، وخوفا من أن يوجد منهم الغلام الذي كان قد تخوف هو وأهل مملكته منه، أن يوجد منهم غلام يكون سبب هلاكه، وذهاب دولته على يديه.
وكانت القبط قد تلقوا هذا من بني إسرائيل فيما كانوا يدرسونه من قول إبراهيم الخليل عليه السلام حين ورد الديار المصرية، وجرى له مع جبارها ما جرى، حين أخذ سارة ليتخذها جارية، فصانها الله منه ومنعها منه بقدرته وسلطانه، فبشر إبراهيم عليه السلام ولده أنه سيولد من صلبه وذريته من يكون هلاك ملك مصر على يديه، فكانت القبط تحدث بهذا عند فرعون فاحترز فرعون من ذلك، وأمر بقتل ذكور بني إسرائيل، ولن ينفع حذر من قدر، لأن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ولكل أجل كتاب).
أقول: لا ندري ما هو مصدر ابن كثير في روايته عن سبب حذر فرعون أو فعله، فقد يكون لتصرف فرعون أسباب غيرها.
٢ - في سفر الخروج في الإصحاح الأول:(وكلم ملك مصر قابلتي العبرانيات اللتين إحداهما شفرة واسم الأخرى فوعة وقال: حينما تولدان العبرانيات وتنظرانهن على الكراسي إن كان ابنا فاقتلاه وإن كان بنتا فتحيا) وفي نفس الإصحاح:
(ثم أمر فرعون جميع شعبه قائلا كل ابن يولد تطرحونه في النهر لكن كل بنت تستحيونها). إلا أن الإصحاح يعلل فعله بخوفه من الإسرائيليين أن يكثروا، وأن يشايعوا أعداءه في اللحظات الحاسمة أثناء حروبه مع أعدائه، ونحن لا نستطيع أن نعطي أسفار التوراة الحالية شيئا من الثقة، تصلح للاعتماد، لكثرة التناقضات فيها، كما دللنا على ذلك من قبل، وكما سنرى أثناء الكلام عن هذه السورة.
...
وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ أي نتفضل عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ أي بني إسرائيل وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً أي قادة يقتدى بهم في الخير، أو قادة إلى الخير وَنَجْعَلَهُمْ