للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد، وصلة ذلك كله بابتداء القسم لا تخفى.

بدأ القسم بالنهي عن طاعة الكافرين، والطاعة قد تكون بالاقتداء، وقد تكون بتنفيذ الأمر. والمقطع قد نبهنا على نماذج من الطاعة لا يجوز أن تكون سواء في ذلك هذا النوع، أو هذا النوع، وفي كثير من الأحيان قد يبدو للناظر أن طاعة الكافرين فيها مصلحة، والكافرون يدعون أن طاعتهم فيها مصلحة لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا فالمقطع إذن بصرنا بمثل هذا. وارتباط ذلك ببداية القسم واضحة، وفي مقدمة القسم قال الله تعالى: بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ وقد مرت معنا في هذا المقطع بعض مظاهر تولي الله لنا، وفي مقدمة القسم قال الله تعالى: سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ وجاءت بعد ذلك دروس غزوة أحد لنعرف شروط الوعد، وكان المقطع الذي مر معنا استمرارا لذلك.

ولعله بذلك اتضح لنا أن لكل مقطع في القسم وحدته، ولكل قسم في السورة وحدته، وأن لكل سورة محورها، ولكل مجموعة سور ترتيبها، ولكل قسم من أقسام القرآن ترتيبه ووحدته، وكل ذلك سنراه شيئا فشيئا. وكما صحح لنا هذا المقطع مفاهيم، ونبهنا على محاذير، فإن المقطع اللاحق سيصحح، وينبه، ويعرفنا على أمهات من التصورات الخاطئة لا ينبغي أن نقع فيها.

[فوائد]

١ - بمناسبة قوله تعالى: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ نذكر بعض الأحاديث حول الغلول، ونلاحظ أن بعضها جعل من الغلول هدايا العمال أي الموظفين عند الدولة، وكذلك الاعتداء على مال الأمة:

أ- روى الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعظم الغلول عند الله ذراع من الأرض، تجدون الرجلين جارين في الأرض، أو في الدار فيقطع أحدهما من خط صاحبه ذراعا، فإذا قطعه طوقه من سبع أرضين يوم القيامة».

ب- وروى الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ولي عملا وليس له منزل فليتخذ منزلا، أو ليست له زوجة فليتزوج، أو ليس له خادم فليتخذ خادما، أو ليس له دابة ليتخذ دابة، ومن أصاب شيئا سوى ذلك فهو غال».

أقول: وذلك إذا أخذه من غير إذن.

<<  <  ج: ص:  >  >>