لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وفي هذا المقطع الذي هو بداية القسم الثالث يأتي قوله تعالى: لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلًا
هناك جاء التكفير في سياق نقض العهد الآتي في سياق الوفاء بالعقود وهاهنا يأتي التكفير في سياق نقض العهد الآتي في سياق الأمر بالتبليغ وهي ملاحظة أولى نسجلها هنا لنعرف صلة هذا القسم بما قبله.
٢ - انتهى القسم الثاني من السورة بقوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ والآية الثانية في هذا القسم الآتية في معرض الأمر بالتبليغ هي قوله تعالى: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وهي كذلك ملاحظة نسجلها لتعلم الصلة المباشرة بين بداية القسم الذي نحن فيه ونهاية القسم السابق وستأتيك تفصيلات أخرى.
[المعنى الحرفي]
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ أي: بلّغ جميع ما أنزل إليك وأيّ شئ أنزل إليك غير مراقب في تبليغه أحدا، ولا خائف أن ينالك مكروه وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ. أي: وإن لم تبلّغ جميعه كما أمرتك، فلم تبلّغ إذا ما كلفت به من أداء الرّسالة، ولم تؤد منها شيئا قط، وذلك أن بعضها ليس بأولى بالأداء من بعض، فإذا لم تؤد بعضها فكأنك أغفلت أداءها جميعا، كما أنّ من لم يؤمن ببعضها كان كمن لم يؤمن بكلها، لكونها في حكم شئ واحد، لدخولها تحت خطاب واحد، والشئ الواحد لا يكون مبلّغا غير مبلّغ مؤمنا به غير مؤمن وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ. أي: يحفظك منهم أن يقتلوك، والنّاس هنا الكفار بدليل ما بعده إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ. أي: لا يعطيهم الهداية لعدم اختيارهم لها وأخذهم بأسبابها، ومن ذلك عدم هدايتهم لما يريدون إنزاله بك من الهلاك. وفي هذا السّياق- سياق الأمر بتبليغ الرسالة- تصدر له ثلاثة أوامر مصدّرة بلفظ «قل» الأول منها بعد هذه الآية مباشرة، واثنان منها في وسط المقطع. والأمر بالتبليغ في هذا