قلنا إن سورة النساء، والمائدة، والأنعام تفصل في المقطع الأول من القسم الأول من سورة البقرة. وأن سورة الأنعام محل تفصيلها الآيتان الأخيرتان من هذا المقطع واللتان هما: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
ولو أنك نظرت في السورة نظرة تأمل لوجدتها تفصيلا لهاتين الآيتين: فالآية الثانية من سورة الأنعام هي قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ لاحظ صلتها بقوله تعالى: وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ
والآية الأخيرة في السورة هي: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ لاحظ صلة الآية الأخيرة من سورة الأنعام بقوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً. والآية التي بعدها في سورة البقرة وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً.
إن الآية الثانية في المحور هي هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً والملاحظ أن كثيرا من آيات سورة الأنعام مبدوءة بقوله تعالى (وهو) وكثير من هذه الآيات تفصيل لكون الأرض بما فيها مخلوقة للإنسان.