لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (١) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢)
[التفسير]
لا يراد بها مجرد التوكيد، فهي التي تسمى في غير القرآن زائدة، ويسمونها- أدبا مع القرآن- صلة؛ لأنها لا تفيد نهيا، والذي سوغ مجيئها هنا هكذا أنها جاءت قبل كلام فيه معنى النفي، إذ الكافرون ينفون مجئ يوم القيامة، قال ابن كثير: قد تقدم غير مرة أن المقسم عليه إذا كان منتفيا جاز الإتيان بلا قبل القسم لتأكيد النفي لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ* وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ قال قتادة: أقسم بهما (أي:
بيوم القيامة، وبالنفس اللوامة) جميعا، وقال ابن كثير:(والصحيح أنه أقسم بهما جميعا معا) وعلى هذا ف (لا) في الآيتين صلة لا تفيد النفي، وإنما تفيد مجرد التوكيد، فأما يوم القيامة فمعروف، وأما النفس اللوامة فهي النفس التقية التي تلوم على التقصير في التقوى، فهي صفة مدح، قال الحسن البصري في الآية التي فيها ذكر النفس اللوامة: إن المؤمن والله ما نراه إلا يلوم نفسه، ما أردت بكلمتي، ما أردت بأكلتي، ما أردت بحديث نفسي، وإن الفاجر يمضي قدما قدما ما يعاتب نفسه. قال ابن جرير بعد أن عرض أقوال المفسرين في النفس اللوامة: والأشبه بظاهر التنزيل أنها التي تلوم صاحبها على الخير والشر، وتندم على ما فات. قال النسفي: وجواب القسم محذوف أي: لتبعثن، دليله: أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أي: إن المعاني التي ذكرت بعد هي التي تحدد الجواب، قال ابن كثير:(والمقسم عليه هاهنا هو إثبات المعاد، والرد على ما يزعمه الجهلة من العباد، من عدم بعث الأجساد). أقول: أن تبدأ السورة التي تتحدث عن المعاد والتكليف بالقسم بيوم القيامة، وبالنفس اللوامة، تلك مقدمة تدل على المقصود، وتدل على موضوع السورة.