تبدأ سورة الصافات بقوله تعالى: وَالصَّافَّاتِ صَفًّا* فَالزَّاجِراتِ زَجْراً* فَالتَّالِياتِ ذِكْراً* إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ وإذن فالسورة تبدأ بقسم، وجواب للقسم، ومن جواب القسم نعلم موضوع السورة الرئيسي وهو وحدانية الله عزّ وجل، ثم تسير السورة حتى تصل إلى قوله تعالى: فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ.
ثم تستمر السورة حتى تصل إلى قوله تعالى:
فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ [الآية: ١٤٩] مما يدل على أن التعريف على الله وما تستلزمه هذه المعرفة هو الشيء الذي يصب فيه سياق السورة الرئيسي.
فإذا وصلنا إلى آياتها الأخيرة نجد قوله تعالى: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ومن خلال البداية والنهاية، ومن خلال الاستفتاءين اللذين يشكلان نقطتي علام في السورة، ندرك المصبّ الرئيسي الذي يصبّ فيه سياق السورة وهو- كما قلنا- التعريف على الله عزّ وجل، وما تستلزمه تلك المعرفة، وهو الموضوع الأول من مواضيع الإيمان بالغيب، والذي يستتبع الإيمان بالغيب كله، ومن ثمّ فمن خلال السياق الرئيسي للسورة تعرض بعض المعاني التي لها علاقة بالآخرة والرسل والملائكة والكتاب، كما سنرى.
ونلاحظ أن قوله تعالى:
سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ* يتكرر في السورة أكثر من مرة مما يشير كذلك إلى الموضوع الرئيسي في السورة، وهو التعريف على الله وتنزيهه وتوحيده.
...
إنه من المعلوم بديهة أن كلمة التوحيد هي كلمة التقوى، وهي نقطة الارتكاز في هذا الدين، وهي نقطة البداية في دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأنها تحوي كل عقائد الإسلام، وإليها ترجع هذه العقائد، فإذا عرفنا أن هذا هو مضمون السورة أدركنا محل سورة الصافات في تفصيل قوله تعالى: الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ*