وهدى، ومن حيث إنها مختومة بالبشارة للمسلمين، فهي مرتبطة ببداية القسم الثاني، ونهاية القسم السابق.
كما أنها مرتبطة بالسياق الكلي للقرآن في كونها مفصّلة لحيز محورها من سورة البقرة.
يأمر الله عزّ وجل فيها بالوفاء بالعهود، والمواثيق، والمحافظة على الأيمان المؤكّدة:
[التفسير]
وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وأعظم العهود هو البيعة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم لخلفائه الراشدين ولأئمة العدل. ويدخل في الآية كل عهد التزم به المسلمون وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها بعد توثيقها وتأكيدها باسم الله، والمراد بالأيمان هنا: الأيمان الداخلة في العهود والمواثيق، لا الأيمان التي هي واردة على حث أو منع وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا أي شاهدا ورقيبا، لأن الكفيل راع لحال المكفول به، مهيمن عليه إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ ومن ذلك بركم وحنثكم فيجازيكم به
وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً أي ولا تكونوا في نقض الأيمان كالمرأة التي تنحي على غزلها بعد أن أحكمته وأبرمته، فتجعله أنقاضا تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أي خديعة ومكرا ومفسدة وخيانة أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ أي بسبب أن تكون أمة هي أزيد عددا وأوفر مالا من الأمة التي عاقدتموها. قال مجاهد: كانوا يحالفون الحلفاء، فيجدون أكثر منهم وأعز، فينقضون حلف هؤلاء، ويحالفون أولئك الذين هم أكثر وأعز، فنهوا عن ذلك إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ أي إنما يختبركم الله بكونهم أربى لينظر- وهو أعلم- أتتمسكون بحبل الوفاء بعهد الله وما وكّدتم من أيمان الحلف، أم تغترون بالكثرة أو بالثروة فتنقضون وتنكثون وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إذا جازاكم على أعمالكم بالثواب والعقاب ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ فاحذروا أن تخالفوا دين الله وشرعه
وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أيها الناس أُمَّةً واحِدَةً حنيفة مسلمة متصافية أي لوفّق بينكم ولما جعل اختلافا، ولا تباغض ولا شحناء وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ أي من علم منه اختيار الضلالة وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ أي من علم منه اختيار الهداية، ومن ثم لم تكونوا أمة واحدة، واقتضى ذلك تحالفات وعهودا، وغير ذلك وَلَتُسْئَلُنَّ أي يوم القيامة عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي عن جميع أعمالكم فيجازيكم عليها على الفتيل والنقير