للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضل، وهنا يبين سبب هدايته لمن اهتدى، وهناك فصل في صفات من استحق الإضلال حتى لا تلتبس الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ .... وهنا بين صفات من يستحقون الهداية الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ومن ثم ندرك كيف أن سورة الرعد تفصيل لمحورها من سورة البقرة، ولكنه ليس التفصيل المعتاد في طرائق البشر أو الداخل تحت طوقهم، ولكنه تفصيل معجز لا يمكن أن يكون إلا من الله المحيط علما بكل شئ، فإذا ما عرفنا أن سورة البقرة مدنية، وسورة الرعد مكية على القول الراجح: وإذا ما رأينا أن سورة البقرة جعلت في أول القرآن ثم جاءت السور الأخرى مفصلة على هذه الشاكلة المعجزة .... مع كون هذا القرآن نزل مفرقا منجما على رجل أمي في أمة أمية، إن هذا وحده كاف للتدليل على أنه من عند الله، فكيف إذا كان هذا واحدا من مظاهر إعجازه، وكيف إذا كان إعجازه واحدا من معجزاته؟ نسأل الله ألا يضلنا، ونسأله أن يتوفانا على كمال الإيمان وأن يلحقنا بالصالحين.

[ولنعد إلى السياق]

لقد وصف الله عزّ وجل من يستحق هدايته بأنه من أناب أي رجع إلى الله واستعان به وتضرع إليه، ثم وصف هؤلاء فقال: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ كالتسبيح والتهليل والاستغفار أو بالقرآن، فقلوبهم تطيب وتركن إلى جانب الله، وتسكن عند ذكره، وترضى به مولى ونصيرا أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ أي بسبب ذكره تطمئن قلوب المؤمنين،

ثم بشر أهل الإيمان فقال: الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ أي أصابوا خيرا وطيبا وَحُسْنُ مَآبٍ أي وحسن مرجع.

وهكذا بين الله عزّ وجل من يستحق هدايته وبشرهم، وفي ذلك رد على الكافرين الذين يقترحون الآيات، وإقامة حجة عليهم أن ضلالهم ليس بسبب عدم كفاية الآيات؛ بل لمرض فيهم وقصور عندهم عن الخير، ذلك هو أول رد عليهم، وفيما يأتي من المقطع ردود أخرى كما سنرى:

كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ أي مثل ذلك الإرسال أرسلناك، إرسالا له شأن وفضل على سائر الإرسالات، وقد فسر كيف أرسله بقوله فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ أي أرسلناك في أمة قد تقدمتها أمم كثيرة فهي آخر الأمم، وأنت خاتم الأنبياء لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أي لتقرأ عليهم الكتاب العظيم فتبلغهم رسالة الله وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>