إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا أي: إلا عَلَيْها حافِظٌ قال النسفي: (أي: يحفظها من الآفات، أو يحفظ عملها ورزقها وأجلها. فإذا استوفى ذلك مات، وقيل: هو كاتب الأعمال). أقول: لم يذكر ابن كثير إلا المعنى الأول فقال: أي: كل نفس عليها من الله حافظ يحرسها من الآفات ..
فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ أي: من أي شئ خلق؟
والجواب: خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ يعني: المني يخرج دفعا من الرجل. قال النسفي: والدفق صب فيه دفع
يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ قال صاحب القاموس:(الصلب: عظم من لدن الكاهل إلى العجب). أقول: العجب يكون في منتهى العصعص، والترائب جمع تريبة قال صاحب القاموس:(والترائب عظام الصدر أو ماولي الترقوتين منه، أو ما بين الثديين والترقوتين، أو أربع أضلاع من يمنة الصدر، وأربع من يسرته، أو اليدان والرجلان والعينان، أو موضع القلادة) ولنا عودة على الآية في الفوائد
إِنَّهُ أي: إن الخالق عَلى رَجْعِهِ أي: على رجع هذا الإنسان المخلوق من ماء دافق. أي: إعادته وبعثه إلى الدار الآخرة لَقادِرٌ لأنه من قدر على البداءة قدر على الإعادة، قال النسفي: أي: لبين القدرة لا يعجز عنه،
ثم بين متى تكون هذه الإعادة فقال: يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ قال النسفي: أي: ما أسر في القلوب من العقائد والنيات، وما أخفي من الأعمال. وقال ابن كثير: أي: يوم القيامة تبلى فيه السرائر، أي: تظهر وتبدو، ويبقى السر علانية والمكنون مشهورا
فَما لَهُ أي:
الإنسان يوم القيامة مِنْ قُوَّةٍ أي: في نفسه على دفع ما حل به. وَلا ناصِرٍ أي: يعينه ويدفع عنه، قال ابن كثير: أي: لا يقدر على أن ينقذ نفسه من عذاب الله ولا يستطيع له أحد ذلك.
[كلمة في السياق]
١ - أقسم الله عز وجل بما أقسم به على أنه جعل على كل نفس حافظا، ثم قال فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ ومجئ هذا الأمر في هذا السياق فيه دليل على أن الله عز وجل جعل على كل نفس حافظا، كما أنه دليل على اليوم الآخر الذي من خصائصه أن السرائر تكشف به، وأن الإنسان لا قوة له من نفسه، ولا ناصر له من غيره، وما المراد بالإنسان هنا؟ الظاهر أن المراد بالإنسان هنا الكافر؛ لأن المؤمن ينصره الله في الدنيا والآخرة.
٢ - إن مجئ قوله تعالى عن الكافر يوم القيامة: فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ في