(والتوبة أن يرجع عن القبيح والإخلال بالواجب بالندم عليهما، والعزم على أن لا يعود، وإن كان لعبد فيه حق لم يكن بد من التفصي [أي: الاستحلال] على طريقه.
وقال علي- رضي الله عنه-: هو اسم يقع على ستة معان: على الماضي من الذنوب الندامة، ولتضييع الفرائض الإعادة، ورد المظالم، وإذابة النفس في الطاعة كما ربيتها
في المعصية، وإذاقة النفس مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية، والبكاء بدل كل ضحك ضحكته. وعن السدي: هو صدق العزيمة على ترك الذنوب، والإنابة بالقلب إلى علام الغيوب. وعن غيره: هو أن لا يجد حلاوة الذنب في القلب عند ذكره. وعن سهل: هو الانتقال من الأحوال المذمومة إلى الأحوال المحمودة. وعن الجنيد: هو الإعراض عما دون الله).
وقال ابن كثير:(وقد ثبت في صحيح مسلم عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لله تعالى أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كانت راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح» وقد ثبت أيضا في الصحيح من رواية عبد الله بن مسعود رضي الله عنه نحوه. وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في قوله تعالى وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته في المكان الذي يخاف أن يقتله فيه العطش» وقال همام بن الحارث:
سئل ابن مسعود رضي الله عنه عن الرجل يفجر بالمرأة ثم يتزوجها؟ قال: لا بأس به (أي بالزواج) وقرأ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ الآية. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم).
٧ - [كلام ابن كثير عن معنى الاستجابة والزيادة من فضل الله بمناسبة الآية (٢٦)]
بمناسبة قوله تعالى. وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ قال ابن كثير: (قال السدي: يعني يستجيب لهم، وكذا قال ابن جرير: معناه يستجيب لهم الدعاء لأنفسهم ولأصحابهم وإخوانهم، وحكاه عن بعض