فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا أي: تضرّع إلينا لنكشف عنه ضرّه، وهذا اعتراف منه بأنّ النعم من الله ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ أي: أعطيناه تفضّلا نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ أي: على علم مني بوجوه الكسب والعمل والحركة بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ أي: ابتلاء وامتحان لك، أتشكر أم تكفر وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ أنها فتنة، فلهذا يقولون ما يقولون، ويدّعون ما يدّعون
قَدْ قالَهَا أي: قد قال هذه المقالة وهي قولة إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كقارون مثلا إذ قال: (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ من متاع الدنيا وما يجمعون منها
فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا أي: جزاء سيئات كسبهم وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ أي: والذين أشركوا من هذه الأمّة سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا أي: سيصيبهم مثل ما أصاب أولئك وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أي:
بفائتين من عذاب الله
أَوَلَمْ يَعْلَمُوا عن طريق ما يشاهدونه أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ أي: ويضيّق إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ بأنّه لا قابض ولا باسط إلّا الله عزّ وجل، أما الكافرون فإنّهم عمي عن رؤية الآيات، وبهذا بينت الآيات تناقض الكافرين، وأقامت عليهم الحجة، فهم في حال الشدة يؤمنون بأنّ النعم بيد الله، فإذا أصبحوا في نعمة أنكروا أن يكون مصدر النعمة هو الله، بل نسبوها لأنفسهم، مع أنّ نظرة صحيحة لموضوع بسط الرزق وقبضه تدلّ على أن الله وحده هو المنعم، وفي سياق ذلك أنذرهم الله عزّ وجلّ العذاب، مبيّنا أنّ عدم اعتراف الإنسان بالنّعمة، وأنّها من عند الله، يستحقّ بسببه عذاب الاستئصال. وبهذا انتهت المجموعة الأولى من المقطع الثاني.
نقل:[عن صاحب الظلال حول آية فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ .. ]
بمناسبة قوله تعالى: فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا. ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا، قالَ: إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ. بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ قال صاحب الظلال: (والآية تصور نموذجا مكررا للإنسان، ما لم تهتد فطرته إلى الحق، وترجع إلى ربها الواحد، وتعرف الطريق إليه، فلا تضل عنه في السراء والضراء.