بالله لكان عنده استعداد لأن يأخذ العلم بالله عمن هو أعرف بالله منه، فإذا كان هو أعلم الخلق بالله فعلى كل أحد أن يأخذ عنه، وكأنه بهذا وما قبله أفهمنا الله عزّ وجل أن زاد الطريق في الدعوة والتبشير والإنذار هو معرفة الله والتسبيح بحمده والتوكل عليه وطلب الأجر منه وحده.
[الأمر الثالث]
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ أي إذا قال محمد عليه الصلاة والسلام للمشركين صلوا له واخضعوا له قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أي لا نعرف الرحمن فنسجد له، ولا نقر به أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا أي لمجرد قولك وَزادَهُمْ قوله اسجدوا للرحمن نُفُوراً أي تباعدا عن الإيمان، وأمام هذا الاستكبار عن السجود لله فقد مجد الله نفسه،
ثم ذكر أنه لم يخلق الليل والنهار، يخلف أحدهما الآخر إلا للسجود والعبادة والتذكر فقال: تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً أي كواكب عظاما على قول مجاهد وسعيد بن جبير وأبي صالح والحسن وقتادة وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وهي الشمس المنيرة وَقَمَراً مُنِيراً أي مشرقا ومضيئا، يعكس نور الشمس حال غيابها: فمن كان هذا
شأنه كيف يستكبر الكافرون عن السجود له. وفي إحدى قراءات هذه الآية معجزة كبرى من المعجزات العلمية، التي في كل واحدة منها دليل على أن هذا القرآن من عند الله الذي يعلم السر في السموات والأرض وسنرى ما ذكرناه في الفوائد
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً أي يخلف كل واحد منهما صاحبه، يتعاقبان لا يفتران، إذا ذهب هذا جاء هذا، وإذا جاء هذا ذهب ذاك. أو أن أحدهما يخلف الآخر بأن يقضي الإنسان في أحدهما ما فاته في الآخر من أوراده في عبادة الله لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ نعم الله عليه فيحدث لذلك توبة أو تدبرا أَوْ أَرادَ شُكُوراً أو أراد أن يشكر نعمة ربه عليه فيهما. قال ابن كثير: أي جعلهما يتعاقبان توقيتا لعبادة عباده له عزّ وجل، فمن فاته عمل في الليل استدركه في النهار ومن فاته عمل في النهار استدركه في الليل. وقد جاء في الحديث الصحيح:«إن الله عزّ وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل» وقال أبو داود الطيالسي ..
إن عمر بن الخطاب أطال صلاة الضحى، فقيل له: صنعت اليوم شيئا لم تكن تصنعه، فقال: إنه بقي علي من وردي شئ فأحببت أن أتمه أو قال أقضيه وتلا