رأينا أن قسما من الفقرة السابقة كان بمثابة المقدمة للقسم كله. وكان قسم منها فيه تكليف عليه طابع الفعل بينما هذه الفقرة عليها طابع الترك في التكليف. فهي تنهى عن نكاح المشركين، والمشركات. وتنهى عن جماع الزوجة في الحيض. وتنهى عن إتيان المرأة في دبرها. وتنهى أن تكون الأيمان حائلا دون البر والإصلاح. فإذا كانت الفقرة الأولى فى أجواء: ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً فهذه الفقرة في أجواء: وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ. ولو أنك فتشت عن نهي يسبق قوله تعالى: وَلا تَنْكِحُوا .. يمكن أن تربط به هذا النهي فإنك تجد أول نهي على نفس الوزن هو:
وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ.
ولكن حتى قوله تعالى: وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ جاء بعد الأمر بالدخول في شرائع الإسلام كلها. ولذلك، فإن هذه الفقرة تعرض علينا مجموعة من شرائع الإسلام في موضوع النكاح، والحياة الزوجية، والأيمان. وفيها نهيان، وسؤال وجوابه، وقاعدة. أما النهيان: فلهما صلة بموضوع تحريم الزواج بأهل الشرك، وبموضوع اتخاذ الأيمان حائلا دون البر والإصلاح. وأما السؤال: فحول علاقة الرجل بزوجته في فترة الحيض. وأما القاعدة: فحول الوظيفة الحياتية بين الرجال والنساء.
والصلة بين آيات الفقرة سنراها. والصلة بين النهي الأول، وقضايا القتال، من حيث إن القتال قد يوجد تطلعات عند أصحابه للزواج بالمشركات، أو لتزويج المشركين.
وعلى كل فكما قلنا فإن الفقرة آتية في سياق الدخول في شرائع الإسلام كلها فهي تفصيل لبعض هذه الشرائع. ولنبدأ تفسير الفقرة. وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا