للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الدنيا، وقال الضحاك أيضا: هي العمل بالطاعة والانشراح بها. والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله. كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد بسنده عن ابن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «قد أفلح من أسلم، ورزق كفافا وقنّعه الله بما آتاه» ورواه مسلم من حديث عبد الله بن يزيد المقرئ به. وروى الترمذي والنسائي ... عن فضالة بن عبيد: أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «قد أفلح من هدي إلى الإسلام، وكان عيشه كفافا، وقنع به». وروى الإمام أحمد ... عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يعطى بها في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة، وأما الكافر فيطعمه بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يعطى بها خيرا» انفرد بإخراجه مسلم. وقال النسفي: المؤمن مع العمل الصالح- موسرا كان أو معسرا- يعيش عيشا طيبا، إن كان موسرا فظاهر، وإن كان معسرا فمعه ما يطيب عيشه- وهو القناعة والرضا بقسمة الله تعالى- وأما الفاجر فأمره بالعكس، إن كان معسرا فظاهر، وإن كان موسرا فالحرص لا يدعه أن يهنأ بعيشه. وقيل الحياة الطيبة القناعة، أو حلاوة الطاعة، أو المعرفة بالله، وصدق المقام مع الله وصدق الوقوف على أمر الله، والإعراض عما سوى الله»

٦ - [كلام ابن كثير حول معنى الاستعاذة في الآية فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ]

بمناسبة قوله تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ... قال ابن كثير: والمعنى في الاستعاذة عند ابتداء القراءة لئلا يلبس على القارئ قراءته ويخلط عليه ويمنعه من التدبر والتفكر. ولهذا ذهب الجمهور إلى أن الاستعاذة إنما تكون قبل التلاوة، وحكي عن حمزة وأبي حاتم السجستاني أنها تكون بعد التلاوة واحتجا بهذه الآية. ونقل النووي في شرح المهذب مثل ذلك عن أبي هريرة أيضا، ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي، والصحيح الأول لما تقدم من الأحاديث الدالة على تقدمها على التلاوة والله أعلم.

٧ - [سبب نزول الآية وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ .. ]

في سبب نزول قوله تعالى: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ قال ابن إسحاق في السيرة: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم- فيما بلغني- كثيرا ما كان يجلس عند المروة إلى غلام نصراني يقال له جبر، عبد لبعض بني الحضرمي فأنزل الله وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ وكذا قال عبد الله بن كثير، وعن عكرمة وقتادة: كان اسمه يعيش. وروى ابن جرير ... عن ابن عباس

<<  <  ج: ص:  >  >>