ذلِكَ أي في أيام الله لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ على البلايا والضراء شَكُورٍ على العطايا والسراء.
ثم قص الله علينا نماذج من فعل موسى عليه السلام في الإخراج والتذكير بأيام الله وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ مذكرا لهم بأيام الله كما أمره الله اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ أي ويتركون إناثكم أحياء وَفِي ذلِكُمْ أي وفي ذلك الإنجاء بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ أي نعمة عظيمة منه عليكم في ذلك أنتم عاجزون عن القيام بشكرها، ومما قاله موسى عليه السلام لبني إسرائيل كذلك
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ أي وآذن ربكم إيذانا بليغا تنتفي عنده الشكوك والغفلة لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ أي لئن شكرتم يا بني إسرائيل ما خولتكم من نعمة الإنجاء وغيرها لأزيدنكم نعمة إلى نعمة وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ أي كفرتم النعم وسترتموها وجحدتموها إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ وذلك بسلبها عنهم وعقابه إياهم على كفرها في الدنيا والآخرة
وَقالَ مُوسى كذلك لبني إسرائيل إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ يا بني إسرائيل وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً أي والناس كلهم فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عن شكركم حَمِيدٌ أي محمود وإن لم يحمده من كفره.
[فوائد]
١ - أيام الله فسرها الحديث بأنها نعم الله، ولكن نعمة الله في هذا المقام ترافقها نقمة، فنعمة الله على بني إسرائيل بإنجائهم من فرعون ترافقها نقمة الله على فرعون، ومن ثم فأيام الله يدخل فيها نعمه على قوم ونقمه على قوم.
٢ - قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ يفيد أنه لا يأخذ العبرة من أيام الله إلا من اجتمع له صفتا الصبر والشكر، وقد ورد في الحديث «الصبر نصف الإيمان». أقول: والشكر نصفه الثاني. قال النسفي:(إذ الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر). وإذن فكأن الله قال: إن في ذلك لآيات لكل مؤمن ظهرت عليه ثمرتا الإيمان الرئيسيتان: الصبر، والشكر. قال قتادة: نعم العبد عبد إذا ابتلي صبر، وإذا أعطي شكر. وفي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «إن أمر المؤمن كله عجب لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له».
٣ - قول موسى عليه السلام لقومه في هذه الآيات الأربع نجدها في الإصحاحات