للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس إنه لا يسوغ الخوف من دون الله). أقول: لكن ينبغي أن يغالب الخوف بالتوكل على الله فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ أي على ذلك القبطي يَسْتَصْرِخُهُ أي يستغيثه. والمعنى: أن الإسرائيلي الذي خلصه موسى استغاث به ثانيا من قبطي آخر قالَ لَهُ مُوسى أي قال موسى للإسرائيلي إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ أي أي ضال عن الرشد، ظاهر الغواية، كثير الشر

فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما أي بالقبطي الذي هو عدو لموسى وللإسرائيلي قالَ الإسرائيلي ظانا أن موسى يريد أن يبطش به يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ يعني القبطي القتيل قال ابن كثير: وذلك لأنه لم يعلم به إلا هو وموسى عليه السلام إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ أي قتالا في الغضب وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ أي في كظمك الغيظ، وقتلك من يستحق القتل. قال النسفي: (وكان قتل القبطي بالأمس قد شاع، ولكن خفي قاتله، فلما أفشى الإسرائيلى على موسى عليه السلام علم القبطي الثاني أن قاتله أي القبطي الأول موسى فأخبر فرعون فهموا بقتله)

وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى أي يسرع في مشيه. قال ابن كثير: وصفه بالرجولية لأنه خالف الطريق، فسلك طريقا أقرب من طريق الذين بعثوا وراءه، فسبق إلى موسى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ أي يأمر بعضهم بعضا بقتلك، أو يتشاورون فيك ليقتلوك فَاخْرُجْ من المدينة إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ أي المخلصين لك النصيحة

فَخَرَجَ موسى مِنْها من المدينة خائِفاً يَتَرَقَّبُ أي يتلفت، أو يترقب التعرض له في الطريق، أو يترقب أن يلحقه من يقتله قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي من فرعون وملائه

وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ أي نحوها، ومدين قرية شعيب ولم تكن في سلطان فرعون قالَ موسى عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ أي وسطه، ومعظم نهجه، أي الطريق الأقوم ففعل الله به ذلك، وهداه إلى الصراط المستقيم في الدنيا والآخرة، فجعله هاديا مهديا وبهذا انتهى المشهد الثاني:

[فوائد]

١ - هذا المشهد تجده في الإصحاح الثاني من سفر الخروج، ولكن كالعادة قد اختلط فيه الحق بالباطل، والخطأ بالصواب، لتقادم العهد على زمن النسخ- ولأسباب أخرى- فجاءنا الله عزّ وجل بهذا القرآن مصححا للأخطاء وهاديا للصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>