للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمثلا نلاحظ في النص التوراتي الغلط في كون المتخاصمين في المرة الثانية كانا عبرانيين. كما نلاحظ أن النص التوراتي الحالي أغفل كثيرا من الحيثيات التي هي ضرورية لمعرفة نفسية المرشح للنبوة قبلها، وهذا الكمال في النص القرآني دليل على أن هذا القرآن من عند الله، كما أن الغلط في النص التوراتي إنما هو أثر عن كون التوراة الحالية- كما أثبتنا في أكثر من مكان- قد داخلها التحريف والغلط، إما بسبب سوء النية، أو بسبب البعد الزماني الذي كان بين نزول التوراة وتسجيلها هذا الذي وصلنا.

٢ - من الدروس التي نأخذها من هذا المشهد، دروس التوبة، والفتوة، والشجاعة، والدفاع عن الحقوق، ومقاومة العدوان، والبطش به، وحرص المؤمن، على المؤمن واللجوء إلى الله في كل أمر.

٣ - قال الألوسي عند قوله تعالى: رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ (واحتج أهل العلم بهذه الآية على المنع من معونة الظلمة وخدمتهم، أخرج عبد بن حميد.

وابن المنذر. وابن أبي حاتم عن عبيد الله بن الوليد الرصافي أنه سأل عطاء بن أبي رباح عن أخ له كاتب فقال له: إن أخي ليس له من أمور السلطان شئ، إلا أنه يكتب له بقلم ما يدخل وما يخرج، فإن ترك قلمه صار عليه دين واحتاج، وإن أخذ به كان له فيه غنى، قال: لمن يكتب؟ قال: لخالد بن عبد الله القسري قال:

ألم تسمع إلى ما قال العبد الصالح رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ فلا يهتم أخوك بشيء، وليرم بقلمه، فإن الله تعالى سيأتيه برزق، وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حنظلة جابر بن حنظلة الضبي الكاتب قال: قال رجل لعامر: يا أبا عمرو إني رجل كاتب أكتب ما يدخل وما يخرج، آخذ رزقا أستغني به أنا وعيالي قال: فلعلك تكتب في دم يسفك قال: لا. قال: فلعلك تكتب في مال يؤخذ قال: لا. قال:

فلعلك تكتب في دار تهدم قال: لا. قال: أسمعت بما قال موسى عليه السلام رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ قال: أبلغت إلي يا أبا عمرو، والله عزّ وجل لا أخط لهم بقلم أبدا، قال: والله تعالى لا يدعك الله سبحانه بغير رزق أبدا. وقد كان السلف يجتنبون كل الاجتناب عن خدمتهم. أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سلمة بن نبيط قال: بعث عبد الرحمن بن مسلم إلى الضحاك فقال: اذهب بعطاء أهل بخارى فأعطهم، فقال: اعفني فلم يزل يستعفيه حتى أعفاه، فقال له، بعض أصحابه: ما عليك أن تذهب فتعطيهم وأنت لا ترزؤهم شيئا، فقال: لا أحب أن أعين

<<  <  ج: ص:  >  >>