للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما جاءهم به

وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ أي: يوم لهم ويوم للناقة، أي مقسوم بينهم وبين الناقة، لها شرب يوم ولهم شرب يوم، فالعطاء يقتضي مقابلا إلا إذا شاء الله غير ذلك كُلُّ

شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ

أي محضور: يحضر القوم الشرب يوما، وتحضر الناقة يوما، وقال مجاهد: إذا غابت حضروا الماء، وإذا جاءت حضروا اللبن

فَنادَوْا صاحِبَهُمْ قال المفسرون هو عاقر الناقة واسمه قدار بن سالف وهو أحيمر ثمود فَتَعاطى أي: فأخذ بالأسباب المؤدية، قال النسفي: أي فاجترأ على تعاطي الأمر العظيم غير مكترث ... أو فتعاطى السيف فَعَقَرَ أي: فعقر الناقة أي نحرها. والآية تدل على أنهم جميعا كانوا راضين بالنحر، لأنه كان بناء على أمرهم، أو على رضاهم

فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ أي: وانذاراتي؟ كان العذاب شديدا والإنذارات صادقة

إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً في اليوم الرابع من عقرها، كما ورد في سورة هود فَكانُوا كأثر عن الصيحة كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ أي: فبادوا عن آخرهم، لم تبق منهم باقية، وخمدوا وهمدوا كما يهمد وييبس الزرع والنبات، والهشيم:

الشجر اليابس المتهشم المتكسر، والمحتظر: الذي يعمل الحظيرة، وما يحتظر بها عادة ييبس بطول الزمان، وتطؤه البهائم، فيتحطم ويتهشم، فأصبح قوم صالح بالصيحة كذلك فما أشده من عذاب

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ أي:

فهل من متعظ يفر إلى الله خشية عقابه في الدنيا والآخرة، فيؤمن بهذا القرآن، ويقبل عليه حفظا وتلاوة وعملا.

[كلمة في السياق]

رأينا في قصة ثمود نموذجا جديدا على تكذيب المرسلين، ورأينا فيها نموذجا جديدا من عذاب الله ينزل بأمة، ففي قصة نوح كان عذاب الاستئصال بواسطة الطوفان، وفي قصة عاد كان عذاب الاستئصال بواسطة الريح، وفي قصة ثمود كان عذاب الاستئصال بواسطة الصيحة، وقد أرانا الله عزّ وجل في قصة نوح ما رافق التكذيب من رمي بالجنون، وما رافقه من زجر لنوح، ولم نر في قصة عاد سوى التكذيب، ورأينا في قصة ثمود ما رافق التكذيب من مكر، وفي ذكر التكذيب فقط في قصة عاد ما يشير إلى أن التكذيب وحده كاف لعذاب الاستئصال، وفي ذكر شئ آخر مع التكذيب في قصتي نوح وصالح عليهما السلام إشارة إلى أن هذا النوع من الكلام كلام دائم في تاريخ الكفر فالرمي بالجنون للداعية، وانتهاره وزجره، واتهام الدعاة بالبطر وطلب الزعامة

<<  <  ج: ص:  >  >>