للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْتَقِيمٌ أي: هذا الذي أدعوكم إليه صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ لا عوج فيه: لا في العقائد، ولا في العبادات، ولا في الشرائع، ولا في الشعائر، ولا في غير ذلك

وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ أي: عن الإيمان بالساعة، أو اتباع الحق إِنَّهُ أي: الشيطان لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ أي: ظاهر العداوة

وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ أي: بالمعجزات البيّنات الواضحات قالَ عيسى قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ أي: بالإنجيل أو بالنبوة وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ قال ابن جرير: يعني من الأمور الدينية لا الدنيوية. قال ابن كثير: وهذا الذي قاله حسن جيد. فَاتَّقُوا اللَّهَ أي: فيما أمركم به وَأَطِيعُونِ فيما جئتكم به

إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ هذا تمام كلام عيسى عليه السلام أي: أنا وأنتم عبيد له، فقراء إليه، مشتركون في عبادته وحده لا شريك له. فاعبدوه وحده، هذا صراط مستقيم. أي: عبادة الله وحده هي الصراط المستقيم

فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ أي: من بين النّصارى.

قال ابن كثير: (أي: اختلفت الفرق وصاروا شيعا فيه، منهم من يقرّ بأنه عبد الله ورسوله وهو الحق، ومنهم من يدّعي أنّه ولد الله، ومنهم من يقول إنه الله، تعالى عن قولهم علوا كبيرا) ولهذا قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ وهو يوم القيامة.

[كلمة في السياق]

١ - [ترجيح أن الضمير في آية وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ يعود على القرآن]

رأينا أن أكثر المفسرين على أن الضمير في قوله تعالى وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ في المسيح عليه السلام، ورأينا أن هناك اثنين من كبار العلماء قالا: إن الضمير يعود على القرآن، ولا شك أنّ القرآن فيه علم الساعة، فقد تحدّث عن الساعة حديثا عجيبا، وعلى القراءة الثانية فإن نزوله كذلك علم على الساعة أي: أمارة من أماراتها. كيف والرسول صلّى الله عليه وسلم من علامات الساعة كما سنرى في سورة محمد صلّى الله عليه وسلم فعلى كلا القراءتين يمكن حمل الآية على القرآن، بل على القراءة الأولى وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ الأولى أن نحمله على القرآن؛ لأن القرآن فيه علم الساعة حقا، ثم إن الخطاب توجّه بعد ذلك لهذه الأمة. فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ* وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ فالأليق إذن أن يكون الحديث عن القرآن. أما أن السياق في المسيح عليه السلام فهذه قضية فيها نظر؛ لأن الآية السابقة مباشرة على هذه الآية كانت حديثا عن

<<  <  ج: ص:  >  >>