للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدانيته، وصدق رسله، وكذبوا بالدار الآخرة فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ بكفرهم فلا يثابون عليها فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً أي فلا يكون لهم عندنا وزن ولا مقدار، أي لا نثقّل موازينهم لأنها خالية عن الخير

ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً أي جزاؤهم جهنم بكفرهم واستهزائهم بآيات الله ورسله، لاحظ صلة ذلك بآية المحور وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا.

ثمّ ختم الله السورة بقوله إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا أي ضيافة، الفردوس كما ورد في الحديث: «الفردوس ربوة الجنة أوسطها

وأحسنها».

خالِدِينَ فِيها أي مقيمين ساكنين فيها لا يظعنون عنها أبدا لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا أي لا يطلبون عنها تحوّلا إلى غيرها رضا بما أعطوا، أي لا مزيد عليها حتى تنازعهم أنفسهم ما هو أجمع لأغراضهم وأمانيهم. وهذا غاية ما توصف به الجنة، لأن الإنسان في الدنيا في أي نعيم كان فهو طامح، مائل الطرف إلى أرفع منه. قال ابن كثير: تنبيه (أي هذا تنبيه) على رغبتهم فيها، وحبهم لها، مع أنه قد يتوهم فيمن هو مقيم في المكان دائما أنه قد يسأمه أو يملّه. فأخبر أنهم- مع هذا الدوام والخلود السرمدي- لا يختارون عن مقامهم ذلك متحولا، ولا انتقالا، ولا ظعنا ولا رحلة ولا بدلا.

[كلمة في السياق]

الآية التي هي محور السورة: زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ وفي خاتمة السورة يقرّر الله أن الكافرين يهزءون من الرسل وآيات الله، ويذكر جزاءهم على ذلك، كما يذكر ما أعد للمؤمنين بما يفهمنا به أن المؤمنين فوق الكافرين يوم القيامة.

...

قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ أي ماؤه مِداداً أي حبرا؛ إذ المداد ما يكتب به لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي أي لو كتبت الكلمات التي تعبّر عن علم الله وحكمته، وكان البحر مدادا لها، لنفد البحر قبل نفاد كلمات الله وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً أي بمثل البحر آخر ثم آخر، وهلم جرا بحور تمده، ويكتب بها، لما نفدت كلمات الله؛ إذ كلمات الله لا تتناهى، فجل جلاله ولا إله غيره. فإذا كان هذا علم الله، فكيف لا يسلم الإنسان له وجهه! وكيف لا يدخل في دينه!

<<  <  ج: ص:  >  >>