للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يوم الفرقان الذي أعز الله فيه الإسلام وأهله، ودفع فيه الشرك وأهله. هذا مع قلة المسلمين يومئذ، فإنهم كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، فيهم فارسان وسبعون بعيرا، والباقون مشاة ليس معهم من العدد جميع ما يحتاجون إليه. وكان العدو يومئذ ما بين التسعمائة إلى الألف، في سوابغ الحديد، والبيض، والعدة الكاملة، والخيل المسومة، والحلي الزائد، والجميع عرب، ليس لأحدهم على الآخر ميزة في تدريب مادي، وإنما ليظهر الله في شأنهم سنته الخاصة في نصرة حزبه على قلة الأسباب المادية. فعلينا معشر المسلمين دائما أن نكون حزب الله ليظهر الله بنا سنته في خذلان الكافرين على كثرتهم، وكثرة ما عندهم، ونصر المؤمنين على قلتهم وضعفهم، واستهانة عدوهم بهم. في أثر صحيح ذكره ابن كثير في هذا المقام: أن المسلمين يوم اليرموك استمدوا عمر. فكتب إليهم: إنه قد جاءني كتابكم تستمدوني، وإني أدلكم على من هو أعز نصرا، وأحصن جندا، الله- عزّ وجل- فاستنصروه، فإن محمدا صلى الله عليه وسلم قد نصر في يوم بدر، في أقل من عدتكم. فإذا جاءكم كتابي هذا فقاتلوهم ولا تراجعوني. قال الراوي: «فقاتلناهم فهزمناهم أربع فراسخ».

[٢ - وصف علي بن ابي طالب للملائكة يوم بدر]

٢ - قال علي بن أبي طالب رضي عنه: «كان سيما الملائكة يوم بدر الصوف الأبيض، وكان سيماهم أيضا في نواصي خيولهم». وقال ابن عباس: «كان سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيض قد أرسلوها في ظهورهم، ويوم حنين عمائم حمر. ولم تضرب الملائكة في يوم سوى بدر، كانوا يكونون عددا ومددا لا يضربون».

[٣ - مما ورد في سبب نزول قوله تعالي لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ]

٣ - في سبب نزول قوله تعالى لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أكثر من رواية وقد يتعدد نزول الآية بتعدد المواقف، فتكون تذكيرا بها بانطباقها على الحالة الجديدة. ومما ورد في سبب نزول هذه الآية:

أ- روى البخاري عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على رجال من المشركين يسميهم بأسمائهم، حتى أنزل الله تعالى لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ...

الآية .. وفي حديث رواه الإمام أحمد فيه أسماء هؤلاء: الحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، وصفوان بن أمية، وفي نهايته: فتيب عليهم كلهم، أي: فهداهم الله للإسلام.

ب- وروى الإمام أحمد ومسلم «عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد، وشج في وجهه حتى سال الدم على وجهه فقال: «كيف يفلح قوم

<<  <  ج: ص:  >  >>