للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنين، وأن المقطع الثاني هو في جملته تركيز على معان يتوجه فيها الخطاب للمؤمنين، نقول هذا كله بين يدي المعنى الحرفي للمقطع الثاني من القسم الثالث والذي هو المقطع السابع.

[المعنى الحرفي]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ الطيبات: ما طاب ولذّ من الحلال، ومعنى لا تحرّموا أي: لا تمنعوها أنفسكم كمنع التحريم، أو لا تقولوا حرمناها على أنفسنا مبالغة منكم في العزم على تركها تزهدا منكم وتقشفا وَلا تَعْتَدُوا. أي: ولا تجاوزوا الحدّ الذي حدّ لكم في تحريم أو تحليل، أو لا تتعدّوا حدود ما أحل لكم إلى

ما حرّم عليكم، أو ولا تسرفوا في تناول الطيبات إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ. أي: المتجاوزين حدوده

وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً نهى عن تحريم الطيبات ثمّ أمر بالأكل منها وَاتَّقُوا اللَّهَ في الوقوف عند ما أحلّ وحرّم الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ دلّ هذا على أن الإيمان بالله يوجب تقواه فيما أمر به ونهى عنه، وإذ يقترن تحريم الطيبات باليمين عادة، كان مناسبا هنا أن يذكر حكم الأيمان.

ولذلك قال: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ مرّ معنا في سورة البقرة موضوع اليمين اللغو، والخلاف فيه فلغو اليمين: هو الساقط الذي لا يتعلق فيه حكم، وتعريفه عند الحنفية: أن يحلف على شئ يرى أنه كذلك وليس كما ظن. وعند الشافعي رحمه الله: هو ما يجري على اللسان بغير قصد وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ تعقيد الأيمان توثيقها، والمعنى: ولكن يؤاخذكم بما عقدتم إذا حنثتم، أو ولكن يؤاخذكم بنكث ما عقدتم فَكَفَّارَتُهُ. أي: فكفّارة نكثه، أو فكفّارة معقود الأيمان ما سيأتي، والكفّارة هي التي من شأنها أن تكفّر الخطيئة أي تسترها إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ هو أن يغذيهم ويعشيهم، ويجوز أن يعطيهم بطريق التمليك لكل واحد نصف صاع من برّ، أو صاع من شعير، أو صاع من تمر، وعند الشافعي رحمه الله مدّ لكل مسكين والمدّ ربع صاع مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ قال الحنفية أي:

غداء وعشاء من برّ إذ الأوسع ثلاث مرات مع الإدام، والأدنى مرّة من تمر أو شعير والأوسط غداء وعشاء أَوْ كِسْوَتُهُمْ قال الحنفية: وأدنى الكسوة ثوب يغطي العورة، والعورة عندهم من السرّة إلى ما تحت الركبة أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ. أي: عتقها واشترط الشافعي أن تكون مؤمنة، ولم يشترط الحنفية ذلك؛ لإطلاق النص فيجوز عندهم

<<  <  ج: ص:  >  >>