هذا الإنسان دعواه ومبينا أن دعواه عليها رقيب بصير فقال: أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قال مجاهد: أيحسب أن لم يره الله عزّ وجل. أقول: أي: أيحسب هذا المدعي أن الله غير موجود حتى يدعي هذه الدعاوى الكاذبة.
[كلمة في السياق]
١ - وهكذا عرفنا أن الإنسان له تصورات فاسدة، ودعاوى كبيرة، وأن دعاواه الكبيرة أثر عن جهله بأن الله قريب. وأن تصوراته الفاسدة أثر عن عدم ملاحظة حاله، ولو أن الإنسان تذكر حاله وتذكر رقابة الله عزّ وجل عليه لا نتفت عنده هذه التصورات وهذه الدعاوى. وهكذا عرفنا أن دواء هذه التصورات، وهذه الدعاوى هو ما ذكرته الآيات من تذكر الإنسان حاله في المكابدة، ومن تذكر الإنسان رقابة الله عزّ وجل عليه.
٢ - ثم تأتي فقرة تذكر الإنسان بما يعرف به أن الله قادر عليه، وأن الله عزّ وجل يراه، وتذكر الإنسان بما يعرف به أنه مكلف.
وَلِساناً أي: ينطق به فيعبر به عما في ضميره وَشَفَتَيْنِ قال ابن كثير: يستعين بهما على الكلام وأكل الطعام، وجمالا لوجهه وفمه، وقال النسفي: يستر بهما ثغره، ويستعين بهما على النطق والأكل والشرب والنفخ
وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ أي: طريقي الخير والشر المفضيين إلى الجنة والنار.
[كلمة في السياق]
جاءت الفقرة السابقة كدليل على ما قبلها، وكمقدمة لما بعدها فهي دليل على أن الله عزّ وجل يرى، ودليل على أنه قادر على الإنسان، وهي مقدمة لمطالبة الإنسان بعمل الخير الذي تطالب به الفقرة اللاحقة، فالفقرة اللاحقة تطالب الإنسان بعتق الرقاب والإطعام والإيمان والتواصي بناء على ما جاء في هذه الفقرة، فالفقرة ذكرت عطاء الله العظيم للإنسان، وهذا يقتضي من الإنسان أن يقابل ذلك بشكر.
فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ الاقتحام هو الدخول والمجاوزة بشدة ومشقة، جعل الأعمال الصالحة عقبة وعملها اقتحاما لها لما في ذلك من معاناة في مجاهدة النفس