حتى تنقضي المدة، ويفرغ القدر من بني آدم ممن كتب الله أن سيوجد منهم، ويخرج إلى الدنيا، وقد أمر به تعالى كونا وقدرا، فإذا تناهى ذلك عند الله أنشر الله الخلائق وأعادهم كما بدأهم. أقول: والقول الأول أولى وقد أبعد ابن كثير فيما ذهب إليه.
[كلمة في السياق]
١ - بدأ هذا الجزء بقوله تعالى: قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ وانتهى بقوله تعالى: كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ ففي بداية هذا الجزء سجل على الإنسان كفره، وفي نهايته سجل عليه ضعف قيامه بواجباته، وفي الوسط ذكر الله تعالى ما تقوم به الحجة على الإنسان، إذ يكفر أو يقصر، لقد ذكر الله الإنسان بأصل نشأته، وحسن تقدير الله لتركيبه، ثم هدايته له، ثم إكرامه بالقبر، ثم الحكم عليه بالنشر، وهذا كله يقتضي شكرا لا كفرا ولا تقصيرا، فإذا كان الإنسان مع هذا كله يكفر ويقصر، فالذنب ذنبه، وبالتالي فلا عليك يا رسول الله صلى الله عليك وسلم من أمره شيئا، فلا يدفعنك الحرص على إسلام الكافر إلى التقصير في حق المسلم.
٢ - ثم يأتي الجزء الثالث من الفقرة وفيه يلفت الله عزّ وجل نظر الإنسان إلى إنعامه عليه بكل ما يحتاجه، مما يقتضي منه شكرا، وقياما بالواجب. وكأن هذا وحده كاف لتقوم الحجة، فإذا لم يهتد ولم يشكر فالذنب ذنبه، قال النسفي مقدما للكلام عن هذا الجزء:(لما عدد النعم عليه في نفسه- أي: في الجزء السابق من ابتداء حدوثه إلى آن انتهائه- أتبعه ذكر النعم فيما يحتاج إليه فقال: فَلْيَنْظُرِ ... ).
[تفسير الجزء الثالث من الفقرة الثانية]
فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ أي: الذي يأكله ويحيا به كيف دبرنا أمره
أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا قال النسفي: يعني المطر من السحاب
ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا قال النسفي: أي: بالنبات. قال ابن كثير في الآيتين: أي: أسكناه فيها فيدخل في جوفها ويتخلل في أجزاء الحب المودع فيها، فنبت وارتفع وظهر على وجه الأرض
فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا كالبر والشعير وغيرهما مما يتغذى به
وَعِنَباً وَقَضْباً قال ابن كثير: والقضب هو الفصفصة التي تأكلها الدواب رطبة، ويقال لها القت أيضا
وَزَيْتُوناً قال ابن كثير: وهو معروف، وهو أدم وعصيره أدم، ويستصبح به ويدهن به وَنَخْلًا قال ابن كثير: (يؤكل بلحا بسرا ورطبا وتمرا ونيئا ومطبوخا،