لاحظ انتهاء الآية الأولى في المقطع بقوله تعالى: وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ. وانتهاء الآية الأخيرة بذلك، وفيما بين البداية والنهاية تفصيل لمظاهر من قهر الله وحكمته وعلمه، وإقامة حجة على النّاس بذلك. يتألف المقطع من جولتين الجولة الأولى تبدأ بقوله تعالى: وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ وتستمر حتى تأتي آية مبدوءة بقوله تعالى: (وهو) وفيها تفصيل لمظهر من مظاهر القهر الإلهي. وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. ثم تأتي الجولة الثانية من هذا المقطع وتبدأ كذلك بقوله تعالى: وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ.
إنهما جولتان في مقطع واحد، يفصّل في القهر الإلهي والحكمة والعلم، ومن خلال التأمّل في الجولتين نرى أنّ الجولة الأولى يغلب عليها التفصيل في القهر الإلهي، وأن الجولة الثانية يغلب عليها التفصيل في الحكمة والعلم، لاحظ بداية الجولة الأولى:
من هاتين البدايتين ندرك ما قلناه من أنّ الجولة الأولى يغلب عليها التفصيل في القهر الإلهي، وأن الجولة الثانية يغلب عليها التفصيل في الحكمة والعلم، وكلا الجولتين تفصلان في القهر الإلهي، والحكمة، والعلم، ومن خلال مظاهر حكمة الله وعلمه تقام الحجة على الكافرين، ومن خلال مظاهر القهر الإلهي يعجّب الإنسان من كفر
الكافرين، وصلة ذلك بمحور السورة واضحة؛ إذا المحور يقيم الحجة على الكافرين من خلال ظاهرتي الحياة والعناية، ومن خلال التذكير بالعلم والحساب، ويعجّب من كفر الكافرين، ولنا عودة على السياق فيما بعد، فلنبدأ عرض المقطع بعرض الجولة الأولى منه: