الحديث، وأنه متشابه، وأنه مثان، وأنّه تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ... ، ومن ثم ندرك الصلة كذلك بين المجموعة وما قبلها.
٣ - وفي قوله تعالى: أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ نرى مثلا يوضّح لنا مآل الضالّين، فإذا عرفنا أنّ المجموعة اللاحقة مبدوءة بقوله تعالى: وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ... نعلم كيف أنّ هذه المجموعة مقدّمة لما بعدها.
فلنر المجموعة السادسة من المقطع الأول.
[تفسير المجموعة السادسة]
وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ أي: بيّنا للناس فيه بضرب كل نوع من أنواع الأمثال لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ أي: ليتعظوا، فإن المثل يقرّب المعنى إلى الأذهان
قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ أي: مستقيما بريئا من التناقض والاختلاف. قال ابن كثير:(أي: هو قرآن بلسان عربي مبين، لا اعوجاج فيه ولا انحراف، ولا لبس، بل هو بيان
ووضوح وبرهان) وإنما جعله الله تعالى كذلك، وأنزله بذلك لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أي يحذرون ما فيه من الوعيد، ويعملون بما فيه من الوعد،
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ أي: متنازعون ومختلفون وَرَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ أي: ذا سلامة أي: ذا خلوص له من الشركة، أي: خالصا له لا يملكه أحد غيره هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا قال ابن كثير: (أي: لا يستوي هذا وهذا. كذلك لا يستوي المشرك الذي يعبد آلهة مع الله، والمؤمن المخلص الذي لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له، فأين هذا من هذا؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وغير واحد: هذه الآية ضربت مثلا للمشرك والمخلص). ولما كان هذا المثل ظاهرا بينا جليا قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ أي: على إقامته الحجة عليهم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ أي: فلهذا يشركون بالله. قال النسفي:(مثّل الكافر ومعبوديه بعبد اشترك فيه شركاء بينهم تنازع واختلاف، وكل واحد منهم يدّعي أنّه عبده، فهم يتجاذبونه ويتعاورونه في مهن شتى، وهو متحيّر لا يدري أيّهم يرضي بخدمته، وعلى أيهم يعتمد في حاجاته، وممّن يطلب رزقه، وممّن يلتمس رفقه، فهمّه مشاع، وقلبه أوزاع، (ومثّل)