لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر، فإذا أمطرت سري عنه فعرفت ذلك عائشة رضي الله عنها فسألته فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«لعله يا عائشة كما قال قوم عاد: فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا» وروى الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ما فتح علي عاد من الريح إلا مثل موضع الخاتم ثم أرسلت عليهم من البدو إلى الحضر فلما رآها أهل الحضر قالوا: هذا عارض ممطرنا مستقبل أوديتنا وكان أهل البوادي فيها فألقي أهل البادية على أهل الحاضرة حتى هلكوا، قال: عتت على خزانها حتى خرجت من خلال الأبواب والله سبحانه وتعالى أعلم».
٣ - [تحقيق ابن كثير لحادثة مجئ الجن إلى الرسول صلّى الله عليه وسلم]
بمناسبة قوله تعالى وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ذكر ابن كثير تحقيقا حول مجئ الجنّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم هذا هو: روى الإمام أحمد عن الزبير وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ قال بنخلة ورسول الله صلّى الله عليه وسلم يصلي العشاء الآخرة كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً قال سفيان: ألبد بعضهم على بعض كاللبد بعضه على بعض تفرد به أحمد وسيأتى من رواية ابن جرير عن عكرمة عن ابن عباس أنهم سبعة من جن نصيبين وروى الإمام أحمد والإمام الشهير الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه (دلائل النبوة): عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم على الجن ولا رآهم، انطلق رسول الله صلّى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا: ما لكم، فقالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب، قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شئ حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، وانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها، يبتغون ما هذا الذي حال بينهم وبين خبر السماء، فانصرف أولئك النفر الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو بنخلة عامدا إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له فقالوا: هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك حين رجعوا إلى قومهم قالوا يا قومنا:
إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً* يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (الجن: ١، ٢) وأنزل الله على نبيه صلّى الله عليه وسلم قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ (الجن: ١) وإنما أوحي إليه قول الجن رواه البخاري عن مسدد بنحوه، وأخرجه مسلم ورواه الترمذي والنسائي في التفسير وروى الإمام أحمد أيضا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما