فإذا نظرت إلى هذه الخاتمة، وإلى محور السورة من سورة البقرة فإنك تجد الجواب في المحور هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ... وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
وبالكلام عن السياق الخاص والعام أثناء عرضنا لهذه الخاتمة نستغني عن أن نفرد كلمة لهذا الموضوع فلنتكلم مباشرة عن فوائد المقطع الرابع وخاتمة السورة:
[الفوائد]
١ - بمناسبة ذكر شجرة الخلد في قصة آدم عليه السلام يذكر ابن كثير الحديث الذي رواه أبو داود الطيالسي والإمام أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ما يقطعها وهي شجرة الخلد».
٢ - هناك اتجاه في تفسير العيش الضنك في قوله تعالى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً أنه عذاب القبر، وقد ورد فيه أكثر من حديث، وأحدها إسناده جيد رواه البزار ولا ينفي هذا ما ذكرناه من كون المعيشة الضنك في الدنيا؛ لأن عذاب القبر هو أثر العمل في الدنيا، ومن ثم فإن عامة المفسرين ذكروا ما اعتمدناه في صلب التفسير ونؤكد هنا على معنى وهو أن المعيشة الضنك مرتبطة بالشقاء النفسي.
قال النسفي:(فمع الدين، التسليم والقناعة والتوكل، فتكون حياته طيبة، ومع الإعراض، الحرص والشح فعيشه ضنك، وحاله مظلمة، كما قال بعض المتصوفة: لا يعرض أحدكم عن ذكر ربه إلا أظلم عليه وقته وتشوش عليه رزقه).
قال ابن كثير:(فأما نسيان لفظ القرآن، وفهم معناه، والقيام بمقتضاه، فليس داخلا في هذا الوعيد الخاص، وإن كان متوعدا عليه من جهة أخرى، فإنه قد وردت السنة بالنهي الأكيد والوعيد الشديد في ذلك).