للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحقق الشكر، ومن ثم نجد التناقض الكبير الذي عليه أكثر الخلق.

[ولنعد إلى السياق]

فَإِنْ تَوَلَّوْا أي أعرضوا عن الدخول في الإسلام كله فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ أي فلا تبعة عليك في ذلك، لأن الذي عليك هو التبليغ الظاهر الواضح الكامل البيان، وقد كان

يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ أي يعرفون أن الله تعالى هو المسدي إليهم ذلك، وهو المتفضّل به عليهم ثُمَّ يُنْكِرُونَها بأفعالهم حيث يرفضون الدخول في الإسلام كله وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ أي وأكثرهم الجاحدون أي غير المعترفين، فهم بين اثنين: إما إنسان يعترف بالنعم ولا يبني عليها الدخول الكامل في الإسلام، أو إنسان يجحد أصلا نعمة الله كهؤلاء الملحدين الذين لا يؤمنون بالله أصلا، فضلا عن أن يدخلوا في دينه، وفي سبب نزول هذه الآية يذكر ابن أبي حاتم بسنده إلى مجاهد أن أعرابيا أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فسأله فقرأ عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً فقال الأعرابي: نعم، قال وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً الآية قال

الأعرابي نعم، ثم قرأ عليه، كل ذلك يقول الأعرابي: نعم. حتى بلغ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ فولّى الأعرابي فأنزل الله يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها

[ولنعد إلى الكلام عن السياق]

رأينا كيف خدم هذا المقطع حتى الآن موضوع الدخول في الإسلام كله، وهو الموضوع الذي تخدمه هذه السورة، وتخدمه الآية التي هي محور هذه السورة من سورة البقرة، ومضمونها التذكير باليوم الآخر، كطريق لإيصال الإنسان إلى الدخول في الإسلام كله، ومن ثم نلاحظ أن هذا المقطع يختتم بمجموعة آيات: أول آية فيها مبدوءة بقوله تعالى: وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ... وآخر آية فيها مبدوءة بنفس المطلع وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ونلاحظ أن الآية الأخيرة قد ختمت بقوله تعالى: وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ وفي هذا الختام الذي يذكر الله فيه أنه ما من قضية من قضايا الوجود إلا ولله فيها الحكم الحق- وما خالفه ضلال وقد بيّنه في كتابه، أو بيّن الطريق إلى الوصول إليه في كتابه، ومجموع هذه الأحكام هي الإسلام الذي أمر الله بالدخول فيه، ومن هذا ندرك أن

<<  <  ج: ص:  >  >>