للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التفسير]

إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ أي لزوجته ومن معه عند مسيره من مدين إلى مصر إِنِّي آنَسْتُ أي أبصرت ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ عن حال الطريق لأنه كان ضائعا عنه أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ أي شعلة مضيئة قَبَسٍ أي نار مقبوسة لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ أي تستدفئون بالنار من البرد الذي أصابكم.

[كلمة في السياق]

بعد قوله تعالى: وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ جاء مباشرة قوله تعالى: إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً .. فما الصلة بين الآيتين؟ ذكر النسفي: أن إذ منصوبة بفعل تقديره: (اذكر) ثم قال ذاكرا الصلة بين الآيتين:

(كأنه قال: على أثر خذ من آثار حكمته وعلمه قصة موسى عليه السلام) أقول: بل في مجيء قصة موسى بعد تلك الآية زيادة على ما قال النسفي: أن في القصة نموذجا على تلقى رسول- هو موسى- عن الله عزّ وجل تلقيا تظهر فيه حكمة الله وعلمه، كما أن ذكر القصة في هذا السياق دليلا على أن هذا القرآن متلقى من الله عزّ وجل.

...

فَلَمَّا جاءَها أي فلما جاء النار التي أبصرها. قال ابن كثير: (أي فلما أتاها ورأى منظرا هائلا عظيما، حيث انتهى إليها والنار تضطرم في شجرة خضراء، لا تزداد النار إلا توقدا ولا تزداد الشجرة إلا خضرة ونضرة ثم رفع رأسه فإذا نورها متصل بعنان السماء. قال ابن عباس وغيره: لم تكن نارا وإنما كانت نورا يتوهج). فوقف موسى متعجبا مما رأى ف نُودِيَ موسى أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها أي حول مكانها أي موسى، وهذه البركة كانت لحدوث أمر ديني فيها، وهو تكليم الله موسى واستنباؤه له وإظهار المعجزات وَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ هذا من تتمه النداء، فقد نزه الله ذاته عما لا يليق به من التشبيه وغيره

يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ قال ابن كثير: أعلمه أن الذي يخاطبه ويناجيه هو ربه الله العزيز الذي عز كل شئ وقهره وغلبه، الحكيم في أفعاله وأقواله) قال النسفي: (وهو (أي هذا الكلام) تمهيد لما أراد أن يظهر على يده من المعجزات)

وَأَلْقِ عَصاكَ قال النسفي: لتعلم معجزتك فتأنس بها. وقال ابن كثير: أمره أن يلقي عصاه من يده ليظهر له دليلا واضحا على أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>