للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التفسير]

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ أي وحدوه ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ أي من معبود غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ أي أفلا تخافون عقوبة الله الذي هو ربكم وخالقكم إذا عبدتم غيره مما ليس من استحقاق العبادة في شئ

فَقالَ الْمَلَأُ أي السادة والأشراف الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ قالوا للعامة ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ أي يأكل ويشرب ويطلب بدعواه الفضل عليكم

والترؤس يعنون: يتفضل عليكم ويترفع بدعوى النبوة وهو بشر مثلكم، فكيف أوحي إليه دونكم وَلَوْ شاءَ اللَّهُ إرسال رسول لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا أي ببعثة البشر فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ يعنون بهذا أسلافهم وأجدادهم في الدهور الماضية قال النسفي: والعجب منهم أنهم رضوا بالألوهية للحجر ولم يرضوا بالنبوة للبشر

إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ أي جنون أي فيما يزعمه من أن الله أرسله إليكم، واختصه من بينكم بالوحي، وهو ككلام ملاحدة العصر، إذ يعللون ظاهرة النبوة بأنها نوع صرع فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ أي فانتظروا واصبروا عليه إلى زمان حتى ينجلي أمره، فإن أفاق من جنونه وإلا قتلتموه

قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ لما أيس من إيمانهم دعا الله بالانتقام منهم، والمعنى: يا رب أهلكهم بسبب تكذيبهم إياي، إذ في نصرته إهلاكهم، والمعنى: أبدلني من غم تكذيبهم سلوة النصر عليهم

فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أي أجبنا دعاءه أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ أي السفينة بِأَعْيُنِنا قال النسفي: أي تصنعه وأنت واثق بحفظ الله لك ورؤيته إياك، أو بحفظنا وكلاءتنا كأن معك من الله حفاظا يكلئونك بعيونهم لئلا يتعرض لك ولا يفسد عليك مفسد عملك وَوَحْيِنا أي أمرنا وتعليمنا إياك صنعتها فَإِذا جاءَ أَمْرُنا أي عذابنا بأمرنا وَفارَ التَّنُّورُ أي فار الماء من تنور الخبز قال النسفي: أخرج سبب الغرق من موضع الحرق؛ ليكون أبلغ في الإنذار والاعتبار فَاسْلُكْ فِيها أي فأدخل

<<  <  ج: ص:  >  >>