للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن هذه العقيدة التي جاء بها القرآن- في تكاملها وتناسقها- جميلة في ذاتها جمالا يحب ويعشق؛ وتتعلق به القلوب! فليس الأمر فيها أمر الكمال والدقة وأمر الخير والصلاح. فإن هذه السمات فيها تظل ترتفع وترتفع حتى يبلغ الكمال فيها مرتبة الجمال الحبيب الطليق. الجمال الذي يتناول الجزئيات كلها بأدق تفصيلاتها، ثم يجمعها، وينسقها، ويربطها كلها بالأصل الكبير).

[كلمة في السياق]

نلاحظ مما مر أن الآيات بيّنت من خلال التعريف على الله وعلى أفعاله أنّ هذا القرآن كتابه. وأنه هو الذي أنزله، وأن هذه قضية حتمية تقتضيها حكمة الله وتدبيره لشئون هذا الكون، وتقتضيها رحمته وألوهيته وربوبيته. إن هذا كله يقتضي إرسالا وإنذارا، وهذا كله يؤكد أن هذا القرآن هو الذي أنزله على رسوله صلّى الله عليه وسلم، وهذا يقتضي أن تكون هذه المسألة من المسلّمات والبديهيات. ولكن الواقع أن الكافرين في شك، ومن ثم قال تعالى:

بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ. قال ابن كثير: يقول تعالى: بل هؤلاء المشركون في شك يلعبون. أي قد جاءهم الحق واليقين. وهم يشكّون فيه ويمترون ولا يصدقون به. أقول: وهذا يشير إلى أن أصل معرفتهم بالله غير صحيح. وأن هذه المعرفة عندهم لا تخرج عن كونها كلمة على اللسان، وأن إقرارهم بوجود الله عزّ وجل وصفاته غير صادر عن علم وتيقّن، بل قول مخلوط بغفلة وبهزؤ ولعب ينتج عن ذلك شك بالقرآن وغيره من أمور الإيمان ..

كلمة في السياق: [حول إبراز الصلة بين المقدمة والمقطع الوحيد والمحور]

نلاحظ مما مر معنا في المقدمة. أنّ المقدمة أفهمتنا أن المعرفة الحقيقية لله تقتضي إيقانا بالقرآن وبالرسول؛ إلا أن الكافرين مع هذا كله يشكّون. والملاحظ أنّه لم يحدّد مضمون الشك مما يشير إلى أنه شك في كل القضايا الإيمانية: في الله وصفاته وأفعاله وفي القرآن والرسول، وأمام هذا الشك بعد هذا البيان لم يبق من فائدة ترجى من هؤلاء

<<  <  ج: ص:  >  >>