عنه: إنه «جامد». ومغلق على نفسه، وتنقصه المرونة والثقافة! وتحاول أن تجره إلى تفاهة من هذه ينفق فيها حياته .. إن الجاهلية هي الجاهلية .. فلا تتغير إلا الأشكال والظروف.
وينفي نوح عليه السلام عن نفسه الضلال، ويكشف لهم عن حقيقة دعوته ومنبعها، فهو لم يبتدعها من أوهامه وأهوائه. إنما هو رسول من رب العالمين. يحمل لهم الرسالة. ومعها النصح والأمانة. ويعلم من الله ما لا يعلمون. فهو يجده في نفسه، وهو موصول به، وهم عنه محجوبون: قالَ: يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ، وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ. أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ، وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ.
[فوائد]
١ - في سفر التكوين من أسفار العهد القديم المعتمدة عند اليهود والنصارى، على ما فيها من جهالات وضلالات. في الإصحاح الخامس منه حديث عن نوح عليه السلام وأنه نوح بن لامك بن متوشالح بن أخنوخ (وهو إدريس- عليه السلام- بن يارد بن مهلئيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم عليه السلام) ذكر هذا في الإصحاح الخامس بأن ذكرت هذه السلسلة واحدا فواحدا مع عمر كل وما ولد، وهذا المذكور هنا هو الذي ذكره ابن كثير عن ابن إسحاق مع اختلاف بسيط في رسمه بعض الأسماء مما
يدل على أن ابن إسحاق أخذ هذا الكلام من هاهنا، والنقل عن كتب أهل الكتاب ليس فيه بأس على ألا يأخذ أكبر من حجمه، بمعنى: ألا يعطى من الثقة أكثر مما يستأهل، فمجموع ما بأيدينا من كتب العهدين- الجديد والقديم- إذا سلطت عليها سهام النقد العلمي فإنها لا تعدل عندنا الحديث الضعيف. بل إن قسما كبيرا منها من الموضوع المكذوب حتما بموازين النقد العلمي. فما سننقله منها مما لا نص فيه من كتابنا أو سنة رسولنا عليه الصلاة والسلام لا يعدو أن يكون المراد بذكره الاستئناس. لا ندافع عنه إن ثبت بطلانه، ولا نتحمل مسئولية ما فيه، ولا نعتبره جزءا من ديننا، وإن ما في سفر التكوين من تهافت أو تناقض أو كذب صريح يجعل حكمنا عليه أقسى من حكمنا على ما بعده من أسفار العهد القديم الخمسة الأولى، والتي يسمونها التوراة. ولنا أثناء عرضنا هذه السورة جولة سنراها حول التوراة، كما أن لنا كرات على معان في قصة نوح عليه السلام.