فالمسلم لا يقبل حكما إلا الله، والقرآن كلام الله صدق وعدل، والمسلم يعلم أن أكثر أهل الأرض ضالون، ولذلك فإنّه لا يطيع أحدا في معصية الله:
ولنر الآيات:
أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً أي: قل يا محمد أفغير الله أطلب حاكما يحكم بيني وبينكم ويفصل المحقّ منّا من المبطل وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ. أي:
القرآن المعجز مُفَصَّلًا. أي: مبيّنا فيه الفصل بين الحق والباطل والشهادة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالصدق وعلى الكافر بالافتراء وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ. أي:
كعبد الله بن سلام وأمثاله يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ عضّد الدّلالة على أنّ القرآن حق بعلم أهل الكتاب أنّه حقّ لتصديقه ما عندهم وموافقته له فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ. أي: من الشاكّين فيه أيها السامع، أو فلا تكوننّ من الممترين في أن أهل الكتاب يعلمون أنه منزل بالحق، ولا يشكّك جحود أكثرهم وكفرهم به
وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ. أي: ما تكلم به، أي تمّ كل ما أخبر به وأمر ونهى ووعد وأوعد صِدْقاً وَعَدْلًا صدقا في وعده ووعيده وإخباره، وعدلا في أمره ونهيه وتشريعه لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ. لا أحد يبدّل شيئا من ذلك وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.
أي: السّميع لإقرار من أقرّ، العليم بإصرار من أصرّ، أو السميع لما يقولون، العليم بما يضمرون
وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ. أي: الكفار لأنهم الأكثرون يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ. أي: عن دينه إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ فيما هم فيه فليسوا على علم ولا عقل وإن ادّعوا ذلك وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ. أي: يكذبون على الله فيما يدّعونه من ادّعاءات يمدحون بها أنفسهم فيما هم عليه
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ. أي: هو يعلم الكفار والمؤمنين، وهو أعلم بالمهتدي والضال، فلا تفيد عنده الدعاوى.
[كلمة في السياق]
حدّدت هذه الآيات موقف المسلم من اقتراحات الكافرين ومن وساوس الشياطين، وبينت أنه إن أطاع أكثر أهل الأرض فإنّه يضل، وأن الكفر لا يقوم على شئ يقيني أبدا بل مبناه على الظنون والأوهام وفي هذا السياق يأتي كلام عن أكل ما ذكر اسم الله عليه فما محلّ ذلك في السياق:
إن الآيات السابقة على هذه الآيات ذكرت: شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي