٢ - [أقوال العلماء في كون الخضر نبيا أو وليا أو رسولا]
هل كان الخضر نبيا أو وليا أو رسولا؟ خلاف كبير بين العلماء في ذلك وقد استدل من قال بنبوّته بقوله تعالى: وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي قال ابن كثير: وذهب كثيرون إلى أنه لم يكن نبيا بل كان وليا فالله أعلم. وكأن ابن كثير لا يترجح لديه شئ في هذا الموضوع. والمهم في هذا المقام أن نذكر أن بعض الضالين الكافرين بعد أن رجّحوا كونه وليا، بنوا على ذلك أن الولي أفضل من النبي. قال النسفي:(وقد زلّت أقدام أقوام من الضّلال في تفضيل الولي على النبي وهو كفر جلي، حيث قالوا: أمر موسى بالتعلم من الخضر وهو ولي. والجواب أن الخضر نبي، وإن لم يكن كما زعم البعض فهذا ابتلاء في حق موسى عليه السلام. ومن المحال أن يكون الولي وليا إلا بإيمانه بالنبي ثم يكون النبي دون الولي، ولا غضاضة في طلب موسى العلم، لأن الزيادة في العلم مطلوبة.) وأقول: إنه لا شك ولا ريب أن موسى أفضل من الخضر، ولو كان الخضر نبيا، لأن موسى من الرسل أولي العزم، وهم أفضل الخلق على الإطلاق وهم في الفضل على الترتيب الآتي: محمد- إبراهيم- موسى كليمه- فعيسى- فنوح- هم أولو العزم فاعلم.
٣ - [هل الخضر لا زال حيا باقيا إلى الآن ومن ثم إلى يوم القيامة أم أنه مات؟]
هل الخضر لا زال باقيا إلى الآن. ومن ثم إلى يوم القيامة، أو أنه مات؟ حكى النووي وغيره قولين في هذا الموضوع، ومال هو وابن الصلاح إلى بقائه، وذكروا في ذلك حكايات وآثارا عن السلف وغيرهم. وجاء ذكره في بعض الأحاديث. قال ابن كثير: ولا يصح شئ من ذلك، وأشهرها حديث التعزية وإسناده ضعيف، ورجّح آخرون من المحدثين وغيرهم خلاف ذلك واحتجوا بقوله تعالى: وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ (الأنبياء: ٣٤) وبقول النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم بدر: «اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض». وبأنه لم ينقل أنه جاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولا حضر عنده، ولا قاتل معه، ولو كان حيا لكان من أتباع النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، لأنه عليه الصلاة والسلام كان مبعوثا إلى جميع الثقلين الجن والإنس، وقد قال:«ولو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي». وأخبر قبل موته بقليل أنه لا يبقى ممن هو على وجه الأرض إلى مائة سنة من ليلته تلك عين تطرف إلى غير ذلك من الدلائل.»
٤ - [من معجزات القرآن مطابقة اللفظ للمعنى]
من إعجاز هذا القرآن أن لفظه يكافئ المعنى مكافأة عجيبة لا تستطاع من قبل بشر. فمهما بلغ الإنسان من حسن الذوق وحسن الانتقاء، فإنه لا يستطيع أن يجعل اللفظة المناسبة مكافأة للمعنى المكافئ بشكل دائم ومستمر ولنضرب على مكافأة