يمتد هذا المقطع من الآية (١٨٣) إلى نهاية القسم الثاني. أي إلى نهاية الآية (٢٠٧). ونكتفي بذكر فقراته فقرة فقرة عند تفسيرها بدلا من ذكره كله هاهنا.
[كلمة في هذا المقطع وسياقه]
١ - يتألف هذا المقطع من ست فقرات: فقرة حول الصوم كطريق إلى التقوى.
وفقرة حول بعض الأحكام المالية. وفقرة حول تصحيح مفهوم خاطئ في شأن الدخول إلى البيوت. وفقرة حول القتال والإنفاق. وفقرة حول الحج والعمرة. وفقرة حول صنفين من الناس. وكل هذه الفقرات صلتها بالتقوى موجودة. إذ لا زال الكلام عنها يشكل السياق الرئيسي في السورة. ففي هذا المقطع يوجد في شأن التقوى إما دلالة على طريق يوصل إليها، وإما تصحيح مفهوم حولها، أو تذكير بخلق من أخلاقها.
٢ - نلاحظ أن هذا القسم بدأ بقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ. وفي المقطع الأول يبين الله عزّ وجل ما حرم علينا من الخبائث الطعامية: من دم، وميتة، ولحم خنزير، إلا في حالة الاضطرار.
وفي المقطع الثاني رأينا قضية القصاص والدية. ورأينا قضية الوصية. والدية والوصية لهما صلة بقضية المال الحلال من وجه. وفي هذا المقطع يأتي الأمر بالصوم. وإذن فالأمر بإباحة الأكل الحلال، مقيد بألا يكون في وقت الصوم من رمضان. ثم يأتي قوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ .... ولذلك صلة في موضوع الحلال، وترك اتباع خطوات الشيطان. ثم يأتي سؤال له صلة في الحج، ثم كلام عن قتال له صلة في المسجد الحرام. ثم يأتي كلام عن الحج. وفي ذلك كله تعميق لقضية عدم اتباع خطوات الشيطان. فالصوم عامل مساعد على عدم اتباع خطوات الشيطان، وأكل الحلال كذلك. ثم إن إتيان البيوت من ظهورها، وفتنة أهل الله عن دينهم، وترك القتال في سبيل الله، وترك الإنفاق، وترك إقامة المناسك كل ذلك من اتباع خطوات الشيطان. ثم يعرض علينا المقطع نموذجين من الناس. نموذجا خالصا لله.
ونموذجا خالصا للسير في طريق الشيطان. فصلة المقطع الثالث بفقراته كلها بالمقطع الأول ذات مظاهر متعددة أشرنا إلى بعضها من قبل. وهذه بعض مظاهرها هنا.