للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مغفرة الله ورحمته أن يقبل توبتهم، وفي الموضوع تفصيلات وجزئيات سنراها بإذن الله. وبهذا ينتهي المقطع الثاني فلنعد إلى تفسيره تفسيرا حرفيا.

[التفسير الحرفي]

وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً.

النّقيب: هو الذي ينقّب عن أحوال القوم ويفتّش عنها. وقد أمر الله موسى عليه السلام أن يأخذ من كل سبط نقيبا، يكون كفيلا على قومه بالوفاء بما أمر به توثقة عليهم ففعل. وقوله تعالى: (وَبَعَثْنا)، يشير إلى أنه تعالى هو الذي عيّن هؤلاء الرؤساء وهو الذي اختار لكل سبط رئيسا، وفي الإصحاح الأول من سفر العدد مما يسمونه التوراة حاليا بعد ذكر أسماء النقباء «فأخذ موسى وهارون هؤلاء الرجال الذين تعيّنوا بأسمائهم» وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ. أي: ناصركم ومعينكم وراعيكم.

لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي جميعا من غير تفريق بين أحد منهم وَعَزَّرْتُمُوهُمْ. أي: وعظّمتموهم أو ونصرتموهم بأن تردّوا عنهم أعداءهم، وتجاهدوا في سبيل دينهم. وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً. أي: وأنفقتم في سبيل الله بلا منّ. أو: وفعلتم أنواع الخير كلها لله خالصة. لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ.

أي: ذنوبكم أمحوها وأسترها ولا أؤاخذكم بها. وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وهذا أعظم المقصود فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ. أي: فمن جحد بعد هذا الميثاق وعقده وتوكيده وشدّه. فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ. أي: فقد أخطأ طريق الحق، ومن كفر قبل ذلك فقد ضلّ سواء السّبيل أيضا، ولكنّ الضّلال بعده أظهر وأعظم.

فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ. أي: فبنقضهم ميثاقهم أي فبسبب ذلك (وما) هنا مزيدة لإفادة تعظيم الأمر. لَعَنَّاهُمْ. أي: طردناهم وأخرجناهم من رحمتنا. وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً. أي: يابسة لا رحمة فيها ولا لين.

يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ. أي: يفسّرونه على غير ما أنزل، وهذا بيان لأثر قسوة قلوبهم، لأنّه لا قسوة في القلب أشد من قسوة ينبثق عنها الافتراء على الله وتغيير وحيه. وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ. أي: وتركوا نصيبا جزيلا، وقسطا وافيا من التوراة. أو أن الإغفال سمّي نسيانا. وَلا تَزالُ يا محمد وكذلك المسلمون.

تَطَّلِعُ. أي: تظهر عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ. أي: على خيانة أو على فعلة ذات

<<  <  ج: ص:  >  >>