فهذه الآيات الثلاث تعرض علينا طلبهم الآية وتردّ وتعلّل، ثمّ بعد ذلك تأتي آية تقول: وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ
ثمّ بعد آيات كثيرة تأتي آية تقول: وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها ثمّ بعد آيات تأتي آية تقول: وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً ...
من هذه الآيات الثلاث ندرك أن الفقرة لا تعرض علينا موقفا واحدا للكافرين، هو تعنتهم في طلب الآيات، وادّعاؤهم أنهّم يؤمنون لو جاءتهم، بل تعرض علينا مواقف أخرى لهم وتعالجها: عداوة الأنبياء ... المكر بالدعوة ... موالاة الظالمين لبعضهم بعضا
فالفقرة في سياقها الرئيسي تعرض وتردّ، وتعالج قضية بعينها، وهي مع علاجها لهذه القضية تعالج مواقف للكافرين لها صلة بالقضية الرئيسية، ولذلك فإننا سنعرض الفقرة على أنّها مقدمة ومجموعات ثلاث، المقدمة هي الآيات الثلاث الأولى، والمجموعات الثلاث كلّ منها مبدوء بقوله تعالى: وَكَذلِكَ*.
«الفقرة الثانية»
[مقدمة الفقرة]
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ. أي: حلفوا بالله جاهدين بأن أتوا بأوكد الأيمان لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ. أي: خارق من مقترحاتهم التي اقترحوا مجيئها أو يقترحون لَيُؤْمِنُنَّ بِها. أي: بالآية أو ليؤمننّ بالله ورسوله بسببها، علّقوا الإيمان على مجئ الآيات المقترحة كأنّ الآيات التي أنزلت لا تكفيهم قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ. أي: وهو قادر عليها أي ليست عندي فكيف آتيكم بها وَما يُشْعِرُكُمْ.