ساعَةً مِنَ النَّهارِ أي يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا أو في قبورهم لهول ما يرون، والتقدير: ويوم يحشرهم مشبهين بمن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ أي يعرف بعضهم بعضا كأن لم يتعارفوا إلا قليلا وذلك عند خروجهم من القبور، ثم ينقطع التعارف بينهم لشدة الأمر عليهم قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ وأي خسارة أكبر من خسران الأنفس والأهل، شبهوا بالتاجر الخاسر لأنهم باعوا الإيمان بالكفر وَما كانُوا مُهْتَدِينَ في ما ساروا فيه وسلكوه إذ وصلوا إلى النار
وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ من العذاب أي وإما تنتقم منهم في حياتك لتقر عينك منهم أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قبل عذابهم أي إما نرينك بعض الذي نعدهم في الدنيا فذاك، أو نتوفينك قبل أن نريكه فنحن نريكه في الآخرة فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ أي مصيرهم ومنقلبهم ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ أي والله شهيد على أفعالهم بعدك، أي وهو يعاقبهم عليها، فهم إذن لا يفلتون من العقاب الأخروي، وإن شاء الله أن يعذبهم في الدنيا فعل، فإنهم يستحقون ذلك، والآية الثانية أشارت ضمنا أن العذاب الدنيوي لا حق بمن يكذب الرسل، إما في حياة الرسل، أو بعد وفاتهم، تلك سنة الله التي سجلها في الآية اللاحقة
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ أي يبعث إليهم لينبههم على التوحيد ويدعوهم إلى دين الحق فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ بالبينات فكذبوه ولم يتبعوه قُضِيَ بَيْنَهُمْ أي بين الرسول ومكذبيه بِالْقِسْطِ أي بالعدل لا يظلمون، بل يعذبون عدلا وينجي الله الرسول ومن صدقه وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ بما عذبوا لأنهم مجرمون، فليحذر هؤلاء المكذبون عذاب الدنيا والآخرة. وبعض المفسرين اتجه في الآية إلى أنها في الآخرة ومعناها عندهم: ولكل من الأمم يوم القيامة رسول تنسب، إليه وتدعى به، فإذا جاء رسولهم الموقف ليشهد عليهم بالكفر والإيمان قضي بينهم بالقسط، وهم لا يظلمون، لأنه لا يعذب أحد بغير ذنبه.
[كلمة في السياق]
لقد أنذرت الآيات الثلاث وحذرت، وعرضت علينا بعض الغيوب التي أخبر عنها القرآن مما سيأتى تأويلها فيما بعد، فأرتنا سخافة هؤلاء الذين سارعوا إلى التكذيب دون تدبر وعقل، مع أن الأمر من الخطورة بمثل هذا الذي ذكرته الآيات، وبعد الآيات يأتي في المجموعة سؤالان وجوابهما، إن الكافرين بدلا من أن يسارعوا إلى التصديق بهذا القرآن وبما أخبر عنه بعد قيام الحجة،- إنهم بدلا من ذلك- يسألون سؤال المكذب والمشكك، ومن ثم تعرض علينا المجموعة شأنهم