للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الصغائر. وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ أي: وألحقنا بالصالحين. والأبرار جمع بر:

وهو المتمسك بالكتاب والسنة. فصار معنى الآية: ربنا بإيماننا، واتباعنا نبيك، اغفر الذنب كله، واجعلنا من المعدودين في جملة الأبرار، بأن تختم لنا كما ختمت لهم.

رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ أي: على ألسنة رسلك، والموعود هو الثواب أو النصر على الأعداء، أو كلاهما. وإنما طلبوا إنجاز ما وعد الله، والله لا يخلف الميعاد، لأن معناه طلب التوفيق فيما يحفظ عليهم أسباب إنجاز الميعاد، أو المراد اجعلنا ممن لهم الوعد، إذ الوعد غير مبين لمن هو، أو المراد ثبتنا على ما يوصلنا إلى عدتك، أو المراد إظهار العبودية والافتقار، والضراعة والخضوع. وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ أي: لا تذلنا يوم القيامة على رءوس الخلائق. إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ أي: لا بد من الميعاد الذي أخبرت عنه رسلك، وهو القيام يوم القيامة بين يديك.

فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أي: إن المؤمنين ذوي الألباب لما سألوا ما سألوا مما تقدم ذكره، استجاب لهم. ثم فسر هذه الإجابة والاستجابة فقال: أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى والمعنى: أنه لا يضيع عمل عامل لديه، ذكرا كان أو أنثى، بل يوفي كل عامل عمله بالقسط. بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ أي: الذكر من الأنثى، والأنثى من الذكر. والجميع في ثوابي سواء، أو بعضكم من بعض في النصرة والدين. وإذا كان الأمر كذلك، فعمل العامل ذكرا كان أو أنثى واصل جزاؤه لصاحبه. وهذه الجملة معترضة بينت بها شركة النساء مع الرجال فيما وعد الله به عبادة العاملين، ثم فصل عمل العامل منهم على سبيل التعظيم لهذا النوع من العمل. فَالَّذِينَ هاجَرُوا من دار الكفر إلى دار الإسلام، ومن دار البدعة إلى دار السنة، ومن دار الجور إلى دار العدل، مفارقين الأحباب، والخلان، والإخوان، والجيران، والأوطان، فارين إلى الله بدينهم، إلى حيث يأمنون هم وذرياتهم عليه. قال النسفي: والهجرة كائنة في آخر الزمان كما كانت في أول الإسلام وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ التي ولدوا فيها ونشئوا، أي ضايقهم أعداء الله بالأذى حتى ألجئوهم إلى الخروج من بين أظهرهم وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي أي: وأوذوا بالشتم والضرب، ونهب المال في سبيل دين الله. وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا أي: وجاهدوا أعداء الله بأيديهم واستشهدوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ أي: هؤلاء الذين عملوا هذه الأعمال السنية الفائقة لأغفرن لهم ذنوبهم وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أي: تجري في خلالها الأنهار من أنواع المشارب من لبن، وعسل، وخمر، وماء غير آسن، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر

<<  <  ج: ص:  >  >>