٩ - فهم الحسن البصري من قوله: وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ .... الآية: أن الآية تلفت النظر إلى معنى آخر غير المعنى الحرفي، واعتبر أن في الآية مثلا بدليل ختمها بقوله تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ فقد مثل اختلاف القلوب فى آثارها وأنوارها وأسرارها باختلاف قطع الأرض في أنهارها وأزهارها وثمارها
[كلمة في السياق]
نلاحظ أن هذا المقطع عرفنا على الله بلفت نظرنا إلى أفعاله- عزّ وجل- ومظاهر قدرته، ثم عدد لنا مواقف للكافرين تتنافى مع معرفة الله عزّ وجل، وختم المقطع بقوله تعالى وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فإذا تذكرنا قوله تعالى من سورة البقرة إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً ... وتذكرنا أن هذا النص تأسيس لموضوع الآية اللاحقة من سورة البقرة الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ ... ثم تأملنا معاني سورة الرعد، فإننا نجد أن المقطع الأول من سورة الرعد تأسيس لمعاني المقطعين اللاحقين بما يفصل آيتي سورة البقرة، إذ سورة الرعد كلها تعريف على الله وأفعاله، وعرض لأقوال الكافرين ومواقفهم، ورد عليها، وتبيان لقضية الضلال والهداية، ومن يستحق الهداية، ومن يستحق الضلال، وإقامة حجة على مسارب الضالين. والمقطع الأول من سورة الرعد يضع أساسا في إقامة الحجة على منكري، البعث وعلى المستعجلين بالعذاب، وعلى مقترحي الآيات، فليس لهؤلاء حجة، بل الحجة قائمة عليهم، فالمقطع الأول في سورة الرعد يفصل معاني في الآية الأولى من الآيتين اللتين تشكلان محور سورة الرعد من سورة البقرة، لكنه تفصيل على طريقة القرآن المعجزة في التفصيل، ولنر المقطع الثاني في سورة الرعد، وسنجد فيه تفصيلا واضحا لمحور السورة من سورة البقرة: