للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمبطل، كانَ مِيقاتاً قال النسفي: (أي: وقتا محدودا ومنتهى معلوما لوقوع الجزاء أو ميعادا للثواب والعقاب) وقال ابن كثير: يقول تعالى مخبرا عن يوم الفصل وهو يوم القيامة أنه مؤقت بأجل معدود، لا يزاد عليه ولا ينقص منه، ولا يعلم وقته على اليقين إلا الله عزّ وجل،

ثم بين الله عزّ وجل هذا اليوم فقال: يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً قال النسفي: أي: جماعات مختلفة، أو أمما كل أمة مع رسولها

وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً أي: وشقت السماء فكانت طرقا ومسالك لنزول الملائكة

وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً قال ابن كثير: أي: يخيل إلى الناظر أنها شئ وليست بشيء، وبعد هذا تذهب بالكلية، فلا عين ولا أثر،

إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً قال ابن كثير: أي: مرصدة معدة

لِلطَّاغِينَ وهم المردة العصاة المخالفون للرسل مَآباً أي: مرجعا ومنقلبا ومصيرا ونزلا

لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً قال ابن كثير: أي: ماكثين فيها أحقابا، وهو جمع حقب وهو المدة من الزمان. قال النسفي: وهو الدهر، ولم يرد به عدد محصور، بل الأبد، كلما مضى حقب تبعه آخر إلى غير نهاية، ولا يستعمل الحقب والحقبة إلا إذا أريد تتابع الأزمنة وتواليها

لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً أي: روحا ينفس عنهم حر النار وَلا شَراباً يسكن عطشهم

إِلَّا حَمِيماً قال النسفي: أي: ماء حارا يحرق ما يأتي عليه وَغَسَّاقاً قال النسفي: أي: ماء السيل من صديدهم، قال ابن كثير:

فأما الحميم: فهو الماء الذي قد انتهى حره وحموه، والغساق هو: ما اجتمع من صديد أهل النار، وعرقهم، ودموعهم وجروحهم، فهو بارد لا يستطاع من برده، ولا يواجه من نتنه. وفي الآيات الثلاث الأخيرة قال ابن كثير نقلا عن ابن جرير:

ويحتمل أن يكون قوله تعالى: لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً متعلقا بقوله تعالى:

لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً ثم يحدث الله لهم بعد ذلك عذابا من شكل آخر، ونوع آخر، وبعد أن عرض النسفي هذا القول قال: فإذا انقضت هذه الأحقاب التي عذبوا فيها بمنع البرد والشراب، بدلوا بأحقاب أخر، فيها عذاب آخر، وهي أحقاب بعد أحقاب، لا انقطاع لها. أقول: وعلى كل حال فلا يجوز أن نفهم بشكل من الأشكال أن عذاب الكافرين في النار إلى نهاية، بل ذلك هو الكفر كائنا من كان صاحبه، لأن الخلود الأبدي للكفار في النار من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة

جَزاءً وِفاقاً أي: جوزوا جزاء موافقا لأعمالهم، أو ذا وفاق لأعمالهم، أي:

هذا الذي صاروا إليه من هذه العقوبة وفق أعمالهم الفاسدة التي كانوا يعملونها في

<<  <  ج: ص:  >  >>