للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ قال الأسطوانة تسبح، والشجرة تسبح. وقال بعض السلف: إن صرير الباب تسبيحه. وخرير الماء تسبيحه. قال الله تعالى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وقال سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم قال: الطعام يسبح. ويشهد لهذا القول آية السجدة في الحج (آية: ١٨)، وقال آخرون: إنما يسبح ما كان فيه روح. يعنون من حيوان ونبات. قال قتادة في قوله: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ قال: كل شئ فيه روح يسبح من شجر أو شئ فيه، وقال الحسن والضحاك في قوله: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ قالا: كل شئ فيه الروح وروى ابن جرير ... عن جرير أبي الخطاب قال: كنا مع يزيد الرقاشي، ومعه الحسن في طعام، فقدموا الخوان، فقال يزيد الرقاشي: يا أبا سعيد يسبح هذا الخوان؟ فقال كان يسبح مرة (قلت): الخوان: هو المائدة من الخشب، فكأن الحسن رحمه الله ذهب إلى أنه لما كان حيا فيه خضرة كان يسبح، فلما قطع وصار خشبة يابسة انقطع تسبيحه، وقد يستأنس لهذا القول بحديث ابن عباس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرّ بقبرين فقال: «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة». ثم أخذ جريدة رطبة، فشقها نصفين ثم غرز في كل قبر واحدة. ثم قال: «لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا». أخرجاه في الصحيحين. قال بعض من تكلم على هذا الحديث من العلماء: إنما قال ما لم ييبسا لأنهما يسبحان ما دام فيهما خضرة، فإذا يبسا انقطع تسبيحهما، والله أعلم.

٣ - [الآية التي اعتصم بها النبي صلّى الله عليه وسلّم من زوجة أبي لهب عند ما جاءت تريد إيذاءه فلم تره]

بمناسبة قوله تعالى وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً يذكر ابن كثير الحادثة التي رواها أبو يعلى الموصلي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: لما نزلت تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ جاءت العوراء أم جميل ولها ولولة، وفي يدها فهر (أي حجر) وهي تقول: مذمّما أتينا- أو أبينا قال أبو موسى: الشك مني- ودينه قلينا، وأمره عصينا، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم جالس، وأبو بكر إلى جنبه- أو قال: معه- فقال أبو بكر رضي الله عنه: لقد أقبلت هذه وأنا

أخاف أن تراك فقال: «إنها لن تراني» وقرأ قرآنا اعتصم به منها وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً قال فجاءت حتى قامت على أبي بكر فلم تر النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالت: يا أبا بكر بلغني أن صاحبك هجاني، فقال أبو بكر: لا ورب هذا البيت ما هجاك. قال: فانصرفت وهي تقول: لقد علمت قريش أني بنت سيدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>