للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للإسلام وتناول كأس من الخمر لإصلاح المزاج؟ ما للإسلام وهذا الذي يفعله «المتحضرون»؟ فأي فرق بين هذا وبين سؤال أهل مدين: أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا.

وهم يتساءلون ثانيا. بل ينكرون بشدة وعنف. أن يتدخل الدين في الاقتصاد، وأن تتصل المعاملات بالاعتقاد، أو حتى بالأخلاق من غير اعتقاد .. فما للدين والمعاملات الربوبية، وما للدين والمهارة في الغش والسرقة ما لم يقعا تحت طائلة القانون، الوضعي؟ لا بل إنهم يتبجحون بأن الأخلاق إذا تدخلت في الاقتصاد تفسده.

وينكرون حتى لهى بعض أصحاب النظريات الاقتصادية الغربية- النظرية الأخلاقية مثلا- ويعدونها تخليطا من أيام زمان.

فلا يذهبن بنا الترفع كثيرا على أهل مدين في تلك الجاهلية الأولي. ونحن اليوم في جاهلية أشد جهالة، ولكنها تدعي العلم والمعرفة والحضارة. وتتهم الذين يربطون بين العقيدة في الله، والسلوك الشخصي في الحياة، والمعاملات المادية في السوق .. تتهمهم بالرجعية والتعصب والجمود.

وما تستقيم عقيدة توحيد الله في القلب، ثم تترك شريعة الله المتعلقة بالسلوك والمعاملة إلى غيرها من قوانين الأرض. فما يمكن أن يجتمع التوحيد والشرك في قلب واحد.

والشرك ألوان. منه هذا اللون الذي نعيش به الآن. وهو يمثل أصل الشرك وحقيقته التي يلتقي عليها المشركون في كل زمان وفي كل مكان.)

[كلمة في السياق]

وهكذا رأينا في هذا المقطع كيف أن رسولا آخر لله قد دعا إلى عبادة الله وحده وإلى الاستغفار، كما دعا إلى سلوك نظيف يكون أثرا عن عبادة الله، وكيف رد عليه قومه، وماذا كانت عاقبة هذا الرد، وقد بقي معنا من السورة مقطعان، مقطع يبدأ بالحديث عن موسى عليه السلام وقصته مع فرعون وقومه وعاقبة هؤلاء، ثم يعظ ويذكر بانيا على ما مر من قبل في السورة، ومقطع أخير وفيه توجيهات مباشرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين مبنية على ما مر من قبله .. في السورة.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>