إن كراماته منقولة تواترا وابن تيمية معروف تدقيقه في هذه الشئون.
ومن عرف الله لم يستغرب وقوع المعجزة أو الكرامة، فالله الذي خلق السموات والأرض بكلمة (كن) والذي خلق الأسباب والقوانين؛ لا يعجزه أن يخرق السبب والقانون؛ معجزة لنبي أو كرامة لولي، ولكن علينا في الحالتين أن نتثبت من الوقوع.
فإذا ما حدثنا القرآن عن الوقوع فإن من البدهيات أن يوجد عندنا التسليم، وكذلك إذا حدثتنا السنة، وفي كرامات الصحابة والتابعين والأولياء حتى عصرنا، علينا أن نتثبت، فإذا صح النقل ولم يكن ثمة مبرر شرعي للرفض فالأصل التصديق، وقد حدثنا الله في القرآن عن أولياء أكرموا بكرامات كمريم، وجليس سليمان الذي عنده علم من الكتاب. والعجيب أن يسري الإنكار من المجتمعات الكافرة إلينا في هذه الشئون، إن المجتمعات الكافرة لا تظهر فيها كرامات؛ لأنها كافرة ولذلك فهي ترفض مبدأ خرق القانون، أما نحن فالأمر يختلف، فعندنا بفضل الله أولياء وعباد وزهاد، ولم تزل الكرامات تجري على أيديهم، وقد رأينا من كرامات بعض شيوخنا ما نجزم به، ولكن الأعجب من ذلك أن يسري هذا الإنكار حتى على المعجزات التي أخبر عنها القرآن، فيظهر ذلك بمحاولات التأويل لظواهر الآيات، بحيث تؤول كل المعجزات على أنها عادات، وذلك من عمى القلب وضعف اليقين بل هو الكفر نسأل الله العافية.
وليكن هذا الفصل خاتمة الفصول. ولنعد إلى سياق السورة حيث وصلنا إلى المقطع الرابع في القسم الأول من سورة البقرة وهو مقطع الحديث عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
[المقطع الرابع من القسم الأول من سورة البقرة]
يمتد هذا المقطع من الآية (١٢٤) إلى نهاية الآية (١٤١) يبدأ بقوله تعالى وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ ... وينتهي بقوله تعالى: أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى، قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ* تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ.