وذكر أن هذه البشارة كانت على جبل سيناء. أي في حوريب. وهذه هي البشارة التي وردت في سفر التثنية في الإصحاح الثامن عشر.
(يقيم لك الرب إلهك نبيا من وسطك من إخوتك مثلي. له تسمعون. حسب كل ما طلبت من الرب إلهك في حوريب يوم الاجتماع قائلا لا أعود أسمع صوت الرب إلهي، ولا أرى هذه النار العظيمة أيضا لئلا أموت. قال لي الرب قد أحسنوا فيما تكلموا.
أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به.
ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به بأنني أنا أطالبه. وأما النبي الذي يطغى فيتكلم كلاما لم أوصه أن يتكلم به أو الذي يتكلم باسم آلهة أخرى فيموت ذلك النبي. وإن قلت في قلبك كيف تعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب. فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يصر فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب بل بطغيان تكلم به النبي فلا تخف منه.).
هذه البشارة حتما قد تلوعب بها كثيرا. ومع كثرة التلاعب بها فإنها لا تنطبق إلا على رسولنا عليه الصلاة والسلام فهو الذي جعل الله كلامه في فمه وهو القرآن. وهو الذي كان من إخوة بني إسرائيل. أي من أبناء إسماعيل، وهو الذي كان مثل موسى، ذا شريعة مستقلة. وكتاب مستقل. وهو الذي أخبر عن غيوب كثيرة. ووقعت كما أخبر، وهي علامة الرسول الصادق بحسب هذه البشارة. وفي كتابنا (الرسول) التفصيلات الكافية فليراجع. ونكتفي هنا بالقول: إن ذكر القرآن أن التبشير بالرسول القادم وأمته كان على جبل الطور بمثل هذه الدقة نموذج يدلك على أن هذا الإعجاز في هذا القرآن لا يتناهى. فمن أين نظرت إليه وجدت معجزة وإعجازا.
[كلمة في السياق]
في هذا المقطع نرى أمة من الأمم، فعل الله لها ما لم يفعل لغيرها، ومع ذلك فإنها تسارع إلى الشرك الذي هو الانحراف الأعظم عن الهدى المنزل.
وفي هذا المقطع نرى البشارة بالرسالة الخاتمة التي ستأتي بالصيغة النهائية للحق الذي سينزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم وأمته. وفي هذا المقطع بيان أن الفلاح بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم معلق باتباعه ونصرته. وكل ذلك ماض على سنن السورة في تفصيل محورها.