مرّ معنا قبل هذا المقطع خمسة مقاطع، وقلنا إن الثلاثة المقاطع الأولى تشكل القسم الأول، ثم جاء مقطعان فشكلا القسم الثاني، وبعد ذلك يأتي المقطعان السادس والسابع فيشكلان القسم الثالث في السورة ثمّ تأتي الخاتمة.
فالسورة ثلاثة أقسام وخاتمة وفي كل قسم من هذه الأقسام نجد جولة متكاملة نعرف بها طريق هداية وطريق ضلال، ولذلك ارتباطه الكبير بمحور السورة: يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ فى الجولة الأولى نجد: فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ.
وفي الجولة الثانية نجد: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً.
وفي الجولة الثالثة نجد: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ.
فالأقسام الثلاثة تتكامل في تبيان طريق الضلال وطريق الهداية، وتوضح قضية الفسوق والخسران، وأركان الفسوق الثلاثة: نقض العهد، وقطع ما أمر الله به أن يوصل، والإفساد في الأرض، وكل ذلك رأينا أمثلته فيما مرّ، وسنرى ما يؤكده ويعمّقه ويفصّله. وهاهنا آن الأوان لنقول شيئا: