للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العلماء، وهو الإخبار بالغيب، وأنه ينبئهما بما يحمل إليهما من الطعام في السجن قبل أن يأتيهما، ويصفه لهما، فيقول اليوم يأتيكما طعام كذا وطعام كذا. فيكون كذلك، ثم ذكر الآباء ليريهما أنه من بيت النبوة، بعد أن عرفهما أنه نبي يوحى إليه بما ذكر من أخبار الغيوب، ليقوي ثقتهما به، وجعل ذلك كله تخلصا إلى أن يذكر لهما التوحيد كما سيأتي، ويعرض عليهما الإيمان ويزينه لهما ويقبح إليهما الشرك. قال النسفي: وفيه أن العالم إذا جهلت منزلته في العلم فوصف نفسه بما هو بصدده، وغرضه أن يقتبس منه لم يكن من باب التزكية.

[فائدة]

روى ابن أبي حاتم عن عطاء عن ابن عباس أنه كان يجعل الجد أبا (أي في الإرث) ويقول: والله لمن شاء لاعنته عند الحجر ما ذكر الله جدا ولا جدة. قال الله تعالى يعني إخبارا عن يوسف: وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ....

..............

ولنعد إلى السياق.

فبعد هذه المقدمة التي قدمها يوسف أقبل على الفتيين بالمخاطبة والدعاء لهما إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وخلع ما سواه من الأوثان التي يعبدها قومهما، فقال: يا صاحِبَيِ السِّجْنِ في هذا النداء خطاب لهما بصفة صحبة المكان إيناسا لهما أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ الذي ذل كل شئ لعز جلاله، وعظمة سلطانه، أي أأن تكون لكما أرباب شتى يستعبدكما هذا ويستعبدكما هذا خير لكما، أم أن يكون لكما رب واحد قهار لا يغالب ولا يشارك في الربوبية؟!

ما تَعْبُدُونَ أنتما وأمثالكما ممن على دينكما مِنْ دُونِهِ أي من دون الله إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ أي من حجة ولا برهان والمعنى سميتم ما لا يستحق الألوهية آلهة، ثم طفقتم تعبدونها فكأنكم لا تعبدون إلا أسماء لا مسميات لها ما أنزل الله بتسميتها حجة إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أي ما الحكم في أمر العبادة والدين إلا لله، ثم بين ما حكم به فقال: أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ فكل نوع من أنواع العبادة يؤدى لغيره شرك وكفر وضلال ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ أي الثابت الذي دلت عليه البراهين. والمعنى: هذا الذي أدعوكم إليه من توحيد وإخلاص العمل لله هو الدين المستقيم الذي أمر الله به، وأنزل فيه الحجة والبرهان والذي يحبه ويرضاه وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ فلهذا كان أكثرهم مشركين، وهكذا جعل سؤالهما

<<  <  ج: ص:  >  >>