للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بين يدي سورة القارعة]

قال صاحب الظلال عن هذه السورة: (القارعة: القيامة. كالطامة، والصاخة، والحاقة، والغاشية، والقارعة توحي بالقرع واللطم، فهي تقرع القلوب بهولها.

والسورة كلها عن هذه القارعة. حقيقتها. وما يقع فيها. وما تنتهي إليه .. فهي تعرض مشهدا من مشاهد القيامة.

والمشهد المعروض هنا مشهد هول تتناول آثاره الناس والجبال. فيبدو الناس في ظله صغارا ضئالا على كثرتهم: فهم كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ مستطارون مستخفون في حيرة الفراش الذي يتهافت على الهلاك، وهو لا يملك لنفسه وجهة، ولا يعرف له هدفا! وتبدو الجبال التي كانت ثابتة راسخة كالصوف المنفوش تتقاذفه الرياح وتعبث به حتى الأنسام! فمن تناسق التصوير أن تسمى القيامة بالقارعة، فيتسق الظل الذي يلقيه اللفظ، والجرس الذي تشترك فيه حروفه كلها، مع آثار القارعة في الناس والجبال سواء! وتلقي إيحاءها للقلب والمشاعر، تمهيدا لما ينتهي إليه المشهد من حساب وجزاء).

وقال الألوسي: (ومناسبتها لما قبلها أظهر من أن تذكر).

[كلمة في سورة القارعة ومحورها]

تحدثت مقدمة سورة البقرة عن المتقين والكافرين والمنافقين، والمنافقون كافرون في المآل. وسورة القارعة تتحدث عن حال المتقين والكافرين يوم القيامة، وهذا أول مظهر من مظاهر صلة سورة القارعة بمقدمة سورة البقرة، ومقدمة سورة البقرة تتحدث عن المتقين بأنهم يؤمنون بالآخرة وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ وتتحدث عن الكافرين وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ وسورة القارعة تتحدث عن اليوم الآخر وعما يكون فيه من فلاح لأهل العمل الصالح، ومن عذاب وخسران لأهل الكفر، ولذلك صلة بمقدمة سورة البقرة كذلك.

وقد ختمت سورة العاديات بقوله تعالى: أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ* وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ* إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ وجاءت سورة القارعة لتحدثنا

<<  <  ج: ص:  >  >>